كتاب الاتباع لابن أبي العز

وَهَذِه الْمدرسَة على الطَّائِفَة الْفُلَانِيَّة تمسكت كل طَائِفَة بِمَا ذهبت إِلَيْهِ واعرضت عَن غَيره لِئَلَّا يحرم ذَلِك الْوَقْف وانضم إِلَى ذَلِك شُبْهَة صِحَة هَذِه الشُّرُوط وأمثالها وَالْقَوْل بِأَن شَرط الْوَاقِف كنص الشَّارِع
فَلَمَّا انضمت الشُّبْهَة إِلَى الشَّهْوَة استحكم الدَّاء وغالب الواقفين جهال إِنَّمَا يحملهم على تعْيين تِلْكَ الطَّائِفَة الَّتِي عينهَا كل مِنْهُم مُجَرّد العصبية لتِلْك الطَّائِفَة وإمامها
وأصل مقصودهم صَحِيح وَهُوَ إحْيَاء علم الشَّرِيعَة فَيُصْبِح تخصيصهم الْعلمَاء بذلك الْوَقْف وَيبْطل تخصيصهم الطَّائِفَة الْفُلَانِيَّة مِنْهُم لِأَن الْوَاجِب عرض شُرُوط الواقفين على الشَّرِيعَة فَمَا وافقها قبل وَإِلَّا رد كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا بَال أَقوام يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله وكل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل وَلَو كَانَ مائَة شَرط) الحَدِيث مُتَّفق عَلَيْهِ وَإِن كَانَ سَبَب الحَدِيث اشْتِرَاط الْوَلَاء لغير من اعْتِقْ فَالْعِبْرَة لعُمُوم اللَّفْظ لَا لخُصُوص السَّبَب
فَإِن قيل هَذَا الشَّرْط غير مُخَالف لكتاب الله قيل إِن لم تفهم مُخَالفَته لكتاب الله مِمَّا تقدم فَلَا يُفِيد الْبَحْث وَلَو جِئْنَا بِكُل آيَة مَعَ أَن من عرف مَذْهَب الإِمَام فقد وفى بِمَا شَرطه الْوَاقِف وَإِن لم يقلده فِي بعض أَقْوَاله لما ظهر لَهُ من الدَّلِيل فَإِن الانتساب الْكَامِل إِلَى الإِمَام لمن عرف مذْهبه بدليله لَا لمن عرفه نقلا بِغَيْر دَلِيل وَلَا لمن قَلّدهُ بِغَيْر معرفَة إِذْ لَيْسَ مُرَاد الواقفين من قلد الإِمَام مَعَ جَهله بِالدَّلِيلِ وَمن عرف الدَّلِيل لَا بُد أَن يظْهر لَهُ ضعفه فِي بعض الْمسَائِل ولبسط هَذَا الْمَعْنى مَوضِع يَلِيق بِهِ

الصفحة 90