كتاب الإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين

وانما سمي كل وَاحِد مِنْهُمَا صريما لِأَنَّهُ ينصرم اذا وافى الآخر
وَالْمعْنَى أَيْضا يشْهد لكل وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ لِأَن الْعَرَب تَقول لَك بَيَاض الأَرْض وسوادها يعنون بالبياض مَا لَا عمَارَة فِيهِ وبالسواد مَا فِيهِ الْعِمَارَة فَهَذَا مَا يحْتَج بِهِ لمن ذهب الى معنى الْبيَاض
وَمن ذهب الى معنى السوَاد فانما أَرَادَ أَنَّهَا احترقت برِيح صر أَو نَار كَقَوْلِه تَعَالَى {فأصابها إعصار فِيهِ نَار فاحترقت}
وَمن هَذَا النَّوْع قَول أبي بكر رَضِي الله عَنهُ طُوبَى لمن مَاتَ فِي النأنأة فانه يحْتَمل أَن يُرِيد أول الاسلام عِنْد قُوَّة البصائر قبل وُقُوع الْخلاف وَيحْتَمل أَنه يُرِيد بِهِ آخر الْإِسْلَام اذا ضعفت البصائر وَكَثُرت الْبدع وَالْخلاف

الصفحة 45