كتاب الإتحاف فى الرد على الصحاف

(ويا لله كم في هذه الرسالة من الأصول الأصيلة والمباحث الجليلة التي تطلع منها على بلاغة مبديها, وجلالة منشيها, وأن له من الميراث النبوي الحظ الأوفر, وأن ينابيع علومه تتفجر من ذلك البحر الزاخر) (1) .
(وقد موه هذا) الصحاف الجاهل (بهذه السفسطة والجعجعة, وهرقع بهذه المخرقة والقعقعة, وظن أن ليس في حمى التوحيد من أهله ضيارم, ولا لتلك الشبه المتهافتة من عالم مصارم، كلا والله إن الليث مفترش على براثنه لحماية حمى التوحيد وقاطنه, فلا يأتي صاحب بدعة ليقلع من التوحيد الأواسي، ويهدم منه الرعان الشامخات الرواسي، إلا ودفع في صدره بالدلائل القاطعة، والبراهين المنيرة الساطعة، فرحمه الله من إمام جهبذ ألمعي، ومقول بارع لوذعي، أحكم وأبرم من الشريعة المطهرة أمراسها، وأوقد منها للورى نبراسها، وسقى علالا بعد نهل غراسها، فأورقت وبسقت أشجارها، وأينعت بحمد الله ثمارها، فجنى من ثمارها كل طالب مسترشد، وورد من معينها الصافي كل موحد.
إمام هدى فاضت ينابيع علمه ... فأم الأوام الواردون معينها
فبلوا الصدى من صفوها وتضلعوا ... وضعضع من تيارهن مهينها
كهذا الذي أبدى معرة جهله ... وكان يرى أن قد أجاد رصينها
فضعضعها بالرد والهد جهبذ ... وأبدى عوارا قد رأى أن يزينها
وما هو إلا كالسراب بقيعة ... يلوح لظمآن فلاقى منونها
فإن كنت مشتاقا إلى كشف زهوها ... فإن الإمام الشيخ أبدى كمينها
__________
(1) "مجموعة الرسائل والمسائل": (3/186) .

الصفحة 7