كتاب الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء (اسم الجزء: 2)

كَذا وكَذا، فأَعطاها الرجلَ، فقالَ: «اعْجَلْ عَليهم وأَعِنْهم بها» (¬1).
قالَ زيدُ بنُ سَعْنةَ: فلمَّا كانَ قبلَ مَحلِّ الأجلِ بيَومينِ أو ثلاثةٍ أَتيتُه فأَخذتُ بمجامعِ قميصِهِ وردائِهِ ونظرتُ إليهِ بوجهٍ غليظٍ فقلتُ له: أَلا تَقضيني يا محمدُ حقِّي، فوَاللهِ ما علمتُكم يا بَني عبدِالمطلبِ لَمُطلٌ، ولقدْ كانَ لي بمُخالَطَتِكم علمٌ، ونظرتُ إلى عمرَ بنِ الخطابِ رضي اللهُ عنه وإِذا عَيناهُ تَدورَانِ في وجهِهِ كالفَلكِ المستديرِ، ثم رَماني ببصرِهِ وقالَ: يا عدوَّ اللهِ، تقولُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما أَسمعُ وتَصنعُ به ما أَرى؟ فوَالذي بعثَهُ بالحقِّ لولا ما أُحاذِرُ قوتَه لضربتُ بسيَفي رأسَكَ، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ينظُرُ إلى عمرَ في سكونٍ وتُؤَدةٍ وتبسمٍ، ثم قالَ: «يا عمرُ، أَنا وهو كُنا أَحوجَ إلى غيرِ هَذا، أَن تأمُرَني بحسنِ الأداءِ وتأمُرَه بحسنِ التِّباعَةِ، اذهبْ يا عمرُ فاعطِهِ حقَّه وزِدْه عشرينَ صاعاً مِن تمرٍ مكانَ ما رُعْتَهُ».
قالَ زيدٌ: فذهبَ بي عمرُ رضي اللهُ عنه فأَعطاني حقِّي وزادَني عشرينَ صاعاً مِن تمرٍ، فقلتُ: ما هَذه الزيادةُ يا عمرُ؟ فقالَ: أمَرَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَن أَزيدَكَ مكانَ ما رُعْتُكَ، قلتُ: وتَعرِفُني يا عمرُ؟ قلتُ: لا، مَن أنتَ؟ قلتُ: أَنا زيدُ بنُ سَعنةَ، قالَ: الحَبْرُ؟ قلتُ: الحَبرُ، قالَ: فما دَعاكَ أَن فعلتَ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما فعلتَ وقلتَ له ما قلتَ؟ قلتُ: يا عمرُ، لم يكنْ مِن علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلا قد عرفتُ في وجهِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ نَظرتُ إليهِ إلا اثنَتينِ لم أَخبُرْهما مِنه: يَسبقُ حِلمُه جَهلَه، ولا يزيدُهُ شدةُ الجهلِ عليه إلا حِلماً، فقد اختَبرتُهما، فأُخبركَ يا عمرُ أنِّي قد رضيتُ باللهِ رباً، وبالإسلامِ ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً، وأُشهدُكَ أنَّ شطرَ مَالي - فإنِّي أكثرُها مالاً - صدقةٌ على أُمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقالَ عمرُ: أو على
¬__________
(¬1) هذا الفقرة عند ابن ماجه (2281) من طريق الوليد بن مسلم باختصار يسير، انظر المسند الجامع (5887).

الصفحة 448