كتاب الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء (اسم الجزء: 6)

مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [النمل: 87]، قالَ: «أولئكَ الشهداءُ، إنَّما يصلُ الفزعُ إلى الأحياءِ، وهم أحياءٌ عندَ ربِّهم يُرزَقونَ، فوقَاهم اللهُ فزعَ ذلكَ اليومِ وأَمَّنهم مِنه، وهو عذابُ اللهِ يبعثُه على شِرارِ خلقِهِ، وهو الذي يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 1،2]، فيَكونونَ في ذلكَ البلاءِ ما شاءَ اللهُ إلا أنَّه يطولُ».
«ثم يأمُرُ إسرافيلَ بنفخةِ الصَّعقِ، فيُصعقُ أهلُ السماواتِ والأرضِ إلا مَن شاءَ اللهُ، فإذا هم قد خَمدوا جاءَ مَلكُ الموتِ إلى الجبارِ عزَّ وجلَّ، فيقولُ: يا ربِّ قد ماتَ أهلُ السماواتِ والأرضِ إلا مَن شِئتَ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ، وهو أعلمُ بمَن بقيَ: فمَن بقيَ؟ فيقولُ: يا ربِّ بقيتَ أنتَ الحي الذي لا يَموتُ، وبَقيتْ حَملةُ عرشِكَ، وبقيَ جبريلُ وميكائيلُ، وبقيتُ أَنا، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: لِيمتْ جبريلُ وميكائيلُ، فيُنطِق اللهُ العرشَ فيقولُ: يا ربِّ يموتُ جبريلُ وميكائيلُ؟ فيقولُ اللهُ: اسكتْ، فإنِّي كتبتُ الموتَ على كلِّ مَن كانَ تحتَ عَرشي، فيَموتانِ، فيجيءُ ملَكُ الموتِ إلى الجبارِ، فيقولُ: أي ربِّ، قد ماتَ جبريلُ وميكائيلُ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ وهو أعلمُ: فمَن بقيَ؟ فيقولُ: بقيتَ أنتَ الحي الذي لا يموتُ، وبَقيتْ حملةُ عرشِكَ، وبقيتُ أَنا، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: فليمَتْ حملةُ عَرشي، فيَموتونَ، فيأمُرُ اللهُ عزَّ وجلَّ العرشَ فيَقبضُ الصُّورَ مِن إسرافيلَ، ثم يَأتي ملَكُ الموتِ عليه السلامُ إلى الجبارِ فيقولُ: يا ربِّ قد ماتَ حملةُ عرشِكَ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ، وهو أعلمُ بمن بقيَ: فمَن بقيَ؟ فيقولُ: يا ربِّ، بقيتَ أنتَ الحي الذي لا يموتُ، وبقيتُ أَنا، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: أنتَ مِن خَلْقي خلقتُكَ لِما رأيتَ فمُتْ، فيَموتُ.

الصفحة 541