كتاب الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء (اسم الجزء: 6)

فإذا لم يبقَ إلا اللهُ الواحدُ القهارُ الأحدُ الفردُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ كانَ آخراً كما كانَ أولاً، طَوى السماواتِ والأرضَ طيَّ السجلِ للكتابِ، ثم دَحاهما، ثم تلقَّفَهما ثلاثَ مراتٍ، ثم يقولُ: أنا الجبارُ أنا الجبارُ ثلاثاً، ثم هتفَ بصوتِهِ: لِمَن المُلكُ اليومَ؟ لِمَن المُلكُ اليومَ؟ ثلاثَ مراتٍ، فلا يُجيبُه أحدٌ ثم يقولُ لنفسِهِ: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16]، يقولُ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: 48]، فيبَسُطُها ويَسطَحُها، ثم يمدُّها مدَّ الأَديمِ العُكاظي {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه: 107]، ثم يَزْجُرُ اللهُ الخلقَ زجرةً واحدةً فإذا هم في مثلِ هذا المُبدلةِ في مثلِ ما كانوا فيها مِن الأولِ، مَن كَان في بطنِها كانَ في بطنِها، ومَن كانَ على ظهرِها كانَ على ظهرِها، ثم ينزلُ عليهم ماء مِن تحتِ العرشِ، ثم يأمرُ اللهُ عزَّ وجلَّ السماءَ أَن تُمطرَ فتُمطرَ أربعينَ يوماً، حتى يَكونَ الماءُ فوقَهم اثني عشرَ ذراعاً، ثم يأمرُ اللهُ عزَّ وجلَّ الأجسادَ أَن تَنبتَ، فتَنبتَ كنباتِ الطَّراثيثِ أو كنباتِ البقلِ، حتى إذا تكاملَتْ أجسادُهم، فكانَت كما كانَت قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: ليَحيى حملةُ عَرشي، فيَحيونَ، ويأمرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إسرافيلَ فيأخُذُ الصورَ، فيضعُه على فيهِ، ثم يقولُ: ليَحي جبريلُ وميكائيلُ، فيَحييانِ، ثم يَدعو اللهُ عزَّ وجلَّ الأرواحَ فيُؤتي بها، توهجُ أرواحُ المؤمنينَ نوراً، وأرواحُ الآخَرينَ ظُلمةً، فيَقبضُها جميعاً، ثم يُلقيها في الصُّورِ».
«ثم يأمرُ إسرافيلَ أَن يَنفخَ نفخةَ البعثِ، فتخرجُ الأرواحُ كأنَّها النحلُ، قد ملأَت ما بينَ السماءِ والأرضِ، فيقولُ اللهُ تعالى: وعزَّتي وجَلالي لَيَرجعنَّ كلُّ رُوحٍ إلى جسدِهِ، فتدخلُ الأرواحُ في الأرضِ إلى الأجسادِ، فتدخلُ في الخَياشيمِ، ثم تَمشي في الأجسادِ كما يَمشي السمُّ في اللَّديغِ، ثم تنشقُّ الأرضُ عنهم، وأَنا أولُ مَن تَنشقُّ الأرضُ عنه، فتَخرجونَ مِنها سِراعاً إلى ربِّكم تَنسِلونَ {مُهْطِعِينَ إِلَى

الصفحة 542