كتاب الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء (اسم الجزء: 6)

الذي لا يموتُ، سبحانَ الذي يُميتُ الخلائقَ ولا يَموتُ، سُبوحٌ قُدوسٌ، قدوسٌ قدوسٌ، سبحانَ ربِّنا الأَعلى ربِّ الملائكةِ والروحِ، سبحانَ الأَعلى الذي يُميتُ الخلائقَ ولا يَموتُ».
«فيضعُ اللهُ كرسيَّه حيثُ شاءَ مِن أرضِهِ، ثم يهتفُ بصوتِه فيقولُ: يا معشرَ الجنِّ والإنسِ إنِّي قد أَنصتُّ لكم منذُ خلقتُكم إلى يومِكم هذا، أسمعُ قولَكم، وأُبصرُ أعمالَكم، وصُحفُكم تقرأُ عليكم، فمَن وجدَ خيراً فلْيَحمد اللهَ، ومَن وجَد غيرَ ذلكَ فلا يلومَنَّ إلا نفسَه، ثم يأمرُ اللهُ عزَّ وجلَّ جهنمَ فيَخرجُ مِنها عُنقٌ ساطعٌ، ثم يقولُ: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [يس: 60 - 63]، {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس: 59]، فيَميزُ اللهُ الناسَ وتَجثو الأُممُ، يقولُ: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28]، فيَقضي اللهُ عزَّ وجلَّ بينَ خلقِه إلا الثَّقلينِ الجنَّ والإنسَ، فيقَضي بينَ الوحوشِ والبهائمِ، حتى إنَّه ليَقضي للجَمَّاء مِن ذواتِ القَرنِ، فإذا فرغَ اللهُ مِن ذلكَ لم تبقَ تبعةٌ عندَ واحدةٍ لأُخرى قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ لها: كُوني تراباً، فعندَ ذلكَ يقولُ الكافرُ: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40].
ثم يَقضي اللهُ بينَ العبادِ، فكانَ (¬1) أولُ ما يَقضي فيه الدماءُ، ويأْتي كلُّ قتيلٍ في سبيلِ اللهِ، ويأمرُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلَّ مَن قُتلَ فيَحملُ رأسَه تَشخُبُ أوداجُه، فيقولُ: يا ربِّ فيم قَتَلني هذا؟ فيقولُ - وهو أعلمُ -: فيم قَتلتَهم؟ فيقولُ: قتلتُهم لِتكونَ العزةُ لَكَ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ له: صدقْتَ، فيُجعلُ وجهُه مثلُ نورِ الشمسِ، ثم
¬__________
(¬1) من هنا إلى قوله: إن شاء عذبه وإن شاء رحمه، رواية الغيلانيات الأولى.

الصفحة 544