كتاب الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء (اسم الجزء: 6)

تمرُّ به الملائكةُ إلى الجنةِ، ويأْتي كلُّ مَن قُتلَ على غيرِ ذلكَ فيَحملُ رأسَه تشخُبُ أوداجُه، فيقولُ: يا ربِّ فيم قَتلَني هذا؟ فيقولُ - وهو أعلمُ -: لم قتلْتَهم؟ فيقولُ: يا ربِّ قتلتُهم لِتكونَ العزةُ لي، فيقولُ: تَعستَ، ثم لا تَبقى نفسٌ قتَلَها إلا قُتلَ بها ولا مظلمةٌ ظَلَمها إلا أُخذَ بها، وكانَ في مشيئةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، إنْ شاءَ عذَّبه، وإنْ شاءَ رحمَه، ثم (¬1) يَقضي اللهُ عزَّ وجلَّ بينَ مَن شاءَ بقيَ مِن خلقِه، حتى لا تَبقى مظلمةٌ لأحدٍ عندَ أحدٍ إلا أُخذَ بها للمظلومِ مِن الظالمِ، حتى إنَّه ليُكلِّفَ شائِبَ اللبنِ بالماءِ ثم يَبيعُه أَن يُخلصَ اللبنَ مِن الماءِ.
فإذا فرغَ اللهُ عزَّ وجلَّ مِن ذلكَ نَادى مُنادٍ يُسمعُ الخلائِقَ كلَّهم: ألا لِيلحقْ كلُّ قومٍ بآلهتِهم وما كانوا يَعبدونَ مِن دونِ اللهِ، فلا يَبقى أحدٌ عبدَ مِن دونِ اللهِ إلا مُثلتْ له آلهتُهُ بينَ يديهِ، ويُجعلُ يومَئذٍ ملَكٌ مِن الملائكةِ على صورةِ عُزيرٍ، ويُجعلُ ملَكٌ مِن الملائكةِ على صورةِ عيسى، ثم يَتبعُ هذا اليهودُ، وهذا النَّصارى، ثم قادَتْهم آلهتُهم إلى النارِ، وهو الذي يقولُ: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء: 99].
فإذا لم يَبقَ إلا المؤمنونَ فيهم المُنافقونَ جاءَهم اللهُ عزَّ وجلَّ فيما شاءَ مِن هيأتِهِ فقالَ: يا أيُّها الناسُ، ذهبَ الناسُ فالحقَوا بآلهتِكم وما كنتُم تَعبدونَ، فيقولونَ: واللهِ ما لنَا إلهٌ إلا اللهُ عزَّ وجلَّ، وما كُنا نعبدُ غيرَهُ، فينصرفُ عنهم وهو اللهُ الذي يأْتيهم، فيمكثُ ما شاءَ اللهُ أَن يمكثَ، ثم يأْتيهم فيقولُ: يا أيُّها الناسُ ذهبَ الناسُ، فالْحقوا بآلهتِكم وما كنتمُ تَعبدونَ، فيَقولونَ: واللهِ ما لنَا إلهٌ إلا اللهُ، وما كُنا نعبدُ غيرَهُ، فَيكشفُ لهم عن ساقِهِ، ويتجلَّى لهم مِن عظمتِهِ ما يَعرِفونَ أنَّه ربُّهم، فيَخِرونَ للأَذقانِ سُجداً على وجوهِهم، ويخرُّ كلُّ منافقٍ على قَفاهُ، ويجعلُ
¬__________
(¬1) من هنا إلى نهاية هذه الفقرة رواية الغيلانيات الثانية.

الصفحة 545