كتاب الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء (اسم الجزء: 6)

اللهُ أصلابَهم كصَياصِي البقرِ، ثم يأذنُ اللهُ تباركَ وتَعالى لهم، فيَرفَعون.
ويُضربُ الصراطُ بينَ ظَهراني جهنمَ كحَدِّ الشَّفرةِ، أو كحدِّ السيفِ، عليه كَلاليبُ وخَطاطيفُ وحَسَكٌ كحَسَكِ السَّعدانِ، دونَه جسرٌ دَحْضٌ مَزلةٌ، فيمرُّون كطرفِ العَينِ، أو كلمحِ البصرِ، أو كمَرِّ الريحِ، أو كجيادِ الخيلِ، أو كجيادِ الرِّكابِ، أو كجيادِ الرجالِ، فناجٍ سالمٌ، وناجٍ مَخدوشٌ، ومَكدوشٌ على وجهِهِ في جهنمَ.
فإذا أَفضى أهلُ الجنةِ إلى الجنةِ، قَالوا: مَن يَشفعُ لنا إلى ربِّنا فندخلُ الجنةَ؟ فيَقولونَ: مَن أحقُّ بذلكَ مِن أَبيكم آدمَ صلى الله عليه وسلم؟ خلقَه اللهُ عزَّ وجلَّ بيدِهِ، ونفخَ فيه مِن روحِهِ، وكلَّمه قُبلاً، فيأْتونَ آدمَ فيَطلبونَ ذلكَ إليه، فيَذكرُ ذنباً ويقولُ: ما أَنا بصاحبِ ذلكَ، ولكنْ عليكم بنوحٍ، فإنَّه أولُ رُسلِ اللهِ، فيُؤتى نوحٌ، فيُطلبُ ذلكَ إليهِ، فيذكرُ ذنباً ويقولُ: ما أنا بصاحبِ ذلكَ، ويقولُ: عليكم بإبراهيمَ، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ اتخذَه خليلاً، فَيأتونَ فيُؤتى إبراهيمُ، فيُطلبُ ذلكَ إليه، فيذكرُ ذنباً ويقولُ: ما أَنا بصاحبِ ذلكَ، ويقولُ: عليكم بموسى، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قرَّبه نجياً، وكلَّمه وأنزلَ عليه التوراةَ، فيُؤتى موسى صلى الله عليه وسلم، فيُطلبُ ذلكَ إليه، فيذكرُ ذنباً ويقولُ: لستُ بصاحبِ ذلكَ، ولكنْ عليكم بروحِ اللهِ وكلمتِهِ عيسى بنِ مريمَ عليه السلامُ، فيُؤتى عيسى بنُ مريمَ، فيُطلبُ ذلكَ إليه، فيقولُ: ما أَنا بصاحبِكم، ولكنْ عليكم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم».
قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فيأْتونَني، ولي عندَ ربِّي ثلاثُ شفاعاتٍ وَعَدنيهن، فأنطلقُ إلى الجنةِ، فآخذُ بحلقةِ البابِ، فأَستفتحُ فيُفتحُ لي، فأُحَيَّا ويُرحَّبُّ بي، فإذا دخلتُ الجنةَ ونظرتُ إلى ربِّي خَررتُ ساجداً، فيأذنُ اللهُ عزَّ وجلَّ لي مِن حمدِهِ وتَمجيدِهِ بشيءٍ ما أَذنَ به لأحدٍ مِن خلقِهِ، ثم يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: ارفعْ يا محمدُ، اشفعْ تُشفَّع، وَسَلْ تُعطَه، فإذا رفعتُ رأْسي يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ - وهو أعلمُ -:

الصفحة 546