كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 1)

-[557]- 1146 - (اعدلوا بين أولادكم في النحل) أي سووا بينهم في العطايا والمواهب. والنحل بضم النون وسكون المهملة: العطية بغير عوض مصدر نحلته من العطية أنحله كما في الصحاح والاسم النحلة بتثليث النون (كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر) لكم بالكسر الإحسان (واللطف) بضم فسكون الرفق بكم. فإن انتظام المعاش والمعاد إنما يدور مع العدل والتفاضل بينهم يجر إلى الشحناء والتباغض ومحبة بعضهم له وبغض بعضهم إياه وينشأ عن ذلك العقوق ومنع الحقوق
(طب) وكذا ابن حبان (عن النعمان بن بشير) وإسناده حسن
1147 - (اعدى عدوك) يعني من أشد أعدائك عداوة لك والعدو يكون للواحد والجمع والمؤنث والمذكر وقد يثنى ويجمع ويؤنث (زوجتك التي تضاجعك) في الفراش (وما ملكت يمينك) من الأرقاء لأنهم يوقعونك في الاثم والعقوبة ولا عداوة أعظم من ذلك ولذلك حذر الله منهم بقوله {إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم الآية} وليس المراد من هذه العداوة ما يفهمه كثير من أنها عداوة البغضاء بل هي عداوة المحبة الصادة عن الهجرة والجهاد وتعليم العلم واكتساب المال من غير حله وإنفاقه في اللذات والشهوات وأكثر ما يفوت من الكمالات الدينية فبسببهم ولا يعارضه ما مر من الأمر بالاحسان إليهن والحث على الوصية بهن وإخباره صلى الله عليه وسلم أنه يحب فاطمة والحسنين لأن المراد أنه يحسن إليهم ويتلطف بهم ويعاملهم بحسن الخلق ويحبهم ويحترس مع ذلك من إيقاعهم إياه فيما لا يسوغ شرعا. والعداوة من الحليلة والولد للرجل أعظم وأكثر وقوعا لنقص عقل المرأة والصغير وعدم إلتفاتهم إلى ما ينجي في الآخرة وقطع نظرهم على تحصيل اللذات والمشتهيات وقد يتفق أن يحمل الرجل زوجته أو ولده على تحصيل المال من غير حله وإنفاقه في شهوات النفوس فيكون عدوا لهما وقد يشتد شغف المرأة بالرجل فتكسب المال من غير حله لترضيه به وذلك كله نادر فلم ينظر إليه <تنبيه> قال الغزالي: لا تعلم ولدك وأهلك فضلا عن غيرهم مقدار مالك فإنهم إن رأوه قليلا هنت عليهم وإن رأوه كثيرا لم تبلغ قط رضاهم وادفعهم من غير عنف ولن لهم من غير ضعف ولا تهازلهم فيسقط وقارك
(فر عن أبي مالك الأشعري) الصحابي المشهور
1148 - (أعذر الله إلى امرئ) أي سلب عذر ذلك الإنسان فلم يبق له عذرا يعتذر به كأن يقول: لو مد لي في الأجل لفعلت ما أمرت به فالهمزة للسلب أو بالغ في العذر إليه عن تعذيبه حيث (أخر أجله) يعني أطاله (حتى بلغ ستين سنة) لأنها قريبة من المعترك وهو سن الإنابة والرجوع وترقب المنية ومظنة انقضاء الأجل فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار ولزوم الطاعات والإقبال على الآخرة بكليته ثم هذا مجاز من القول فإن العذر لا يتوجه على الله وإنما يتوجه له على العبد وحقيقة المعنى فيه أن الله لم يترك له شيئا في الاعتذار يتمسك به وهذا أصل الإعذار من الحاكم إلى المحكوم عليه وقيل لحكيم: أي شيء أشد؟ قال دنو أجل وسوء عمل. قال القشيري: كان ببغداد فقيه يقرئ اثنين وعشرين علما فخرج يوما قاصدا مدرسته فسمع قائلا يقول:
إذا العشرون من شعبان ولت. . . فواصل شرب ليلك بالنهار
ولا تشرب بأقداح صغار. . . فقد ضاق الزمان على الصغار
فخرج هائما على وجهه حتى أتى مكة فمات بها
(خ) في الرقائق (عن أبي هريرة) وفي الباب عن غيره أيضا

الصفحة 557