كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 1)

1165 - (أعطي) بإثبات الياء خطابا لأسماء بنت أبي بكر (ولا توكي) بسكون الياء أي لا تدخري ولا تربطي الوكاء وهو الخيط يربط به (فيوكى عليك) بسكون الألف قال ابن حجر: هو عند البخاري بفتح الكاف ولم يذكر الفاعل وفي رواية له: لا تحصي فيحصي الله عليك فأبرز الفاعل قال: وكلاهما بالنصب لكون جواب النهي بالفاء والإيكاء شد رأس الوعاء بالوكاء وهو هنا مجاز عن الإمساك فالمعنى لا تمسكي المال في الوعاء وتوكي عليه فيمسك الله فضله عنك كما أمسكت فضل ما أعطاك الله فإن الجزاء من جنس العمل ومن علم أن الله يرزقه من حيث لا يحتسب فحقه أن يعطي ولا يحسب وفيه النهي عن منع الصدقة خشية النفاد وأنه أعظم الأسباب لقطع مادة البركة وأنه تعالى يثيب على العطاء بغير حساب
(د عن أسماء بنت أبي بكر) الصديق قالت يا رسول الله ما لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير بيته أفأعطي منه؟ فذكره. سكت عليه أبو داود فهو صالح
1166 - (أعطيت جوامع الكلم) أي ملكة أقتدر بها على إيجاز اللفظ مع سعة المعنى بنظم لطيف لا تعقيد فيه يعثر الفكر في طلبه ولا التواء يحار الذهن في فهمه فما من لفظة يسبق فهمها إلى الذهن إلا ومعناها أسبق إليه وقيل أراد القرآن وقيل أراد أن الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الأمور المتقدمة جمعت له في الأمر الواحد والأمرين (واختصر) أي أوجز (لي الكلام) حتى صار ما أتكلم به كثير المعاني قليل الألفاظ وقوله (اختصارا) مصدر مؤكد لما قبله فهو الجامع لما تفرق قبله في الرسل من الكمال المخصوص بما لم يعطه أحد منهم من المزايا والإفضال فمما اختص به عليهم الفصاحة والبلاغة
(ع عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا البيهقي في الشعب والدارقطني عن ابن عباس
1167 - (أعطيت سورة البقرة) أي إلا خواتيمها كما يشير إليه بل يعنيه قوله الآتي: وخواتيم سورة البقرة إلخ وفيه رد على من استكره أن يقال سورة البقرة بل السورة التي تذكر فيها البقرة (من الذكر الأول) أي عوضا من الذكر الأول قال الكلاباذي في بحره: هو الصحف العشرة والكتب الثلاثة ولم يطلع عليه من أكثر الترديد والاضطراب وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل أي فالبقرة جامعة لما في تلك الصحف والكتب من العلوم متضمنة لما فيها من المعارف (وأعطت) سورة (طه و) سور (الطوسين والحواميم من ألواح) الكليم (موسى) بن عمران أي عوضا منها كما تقرر فهي متضمنة لا فيها من الأحكام والمواعظ وغيرها. قال ابن حجر: وخص موسى لأن كتابه أوسع من الإنجيل حكما وغيره (وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة) وهي من قوله: آمن الرسول - إلى آخرها (من تحت العرش) أي -[564]- عرش الرحمن تقدس (والمفصل) سمى مفصلا لأن سوره قصار كل سورة كفصل من الكلام قيل طواله إلى سورة عم وأوساطه إلى الضحى. وقوله (نافلة) أي زيادة راجع للفاتحة والخواتيم والمفصل أي فما تضمنته الكتب المنزلة على الأنبياء قبله ولم ينزل مثلهن على أحد من الأنبياء وليس عائدا للمفصل وحده لما يأتي من التصريح بأن إعطاء الفاتحة وخواتيم البقرة من خصائصه صلى الله عليه وسلم وجزم به كثيرون وأما قوله في الحديث الآتي وفضلت بالمفصل فلا ينافي أنه فضل بغيره أيضا. وفيه أن من القرآن ما نزل نحوه على من قبله وفي بعض الآثار أن أول التوراة أول الأنعام وآخرها آخر هود وأن بعض القرآن أفضل من بعض. قال بعضهم: القرآن جامع لنبأ الأولين والآخرين فعلم الأمم الماضية علم خاص وعلم هذه الأمة علم عام وعلم أهل الكتاب قليل {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قرأ الحبر: وما أوتوا وعلم هذه الأمة كثير {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}
(ك) في فضائل القرآن من حديث عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح (عن معقل) بفتح الميم وسكون المهملة وبالقاف المكسورة (ابن يسار) ضد اليمين المزني بضم الميم وفتح الزاي أحد من بايع تحت الشجرة قال الحاكم صحيح وتعقبه الذهبي بأن عبيد الله قال أحمد تركوا حديثه

الصفحة 563