كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

1196 - (اعلموا أنه ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله) قال بعض المخاطبين وكيف ذلك يا رسول الله قال (مالك ما قدمت) أي صرفته في وجوه القرب فصار أمامك تجازى عليه بعد موتك في الآخرة (ومال وارثك ما أخرت) أي ما خلفته بعدك فالذي تخلفه بعدك إنما هو لوارثك لهذا قال بعض العارفين قدموا بعضا ليكون لكم ولا تخلفوا كلا ليكون عليكم. قال الماوردي: وروي عن عائشة قالت ذبحنا شاة فتصدقنا بها فقلت يا رسول الله ما بقي منها إلا كتفها قال كلها بقي إلا كتفها فالحازم من عمد إلى ما زاد عن كفايته فيرى انتهاز الفرصة فيها فيضعها بحيث تكون له ذخرا معدا وغما مستجدا ومن يدخر المال لولده ونحوه من ورثته إشفاقا عليه من كد الطلب وسوء المنقلب استحق الذم واللوم من وجوه منها سوء الظن بخالقه في أنه لا يرزقهم إلا من جهته والثقة ببقاء ذلك على ولده مع غدر الزمان ومحنه ومنها ما حرم من منافع ماله وسلب من وفور حاله وقد قيل إنما مالك لك أو لوارثك أو للجانحة فلا تكن أشقى الثلاثة ومنها ما لحقه من شقاء حمقه وناله من عناء كده حتى صار ساعيا محروما وجاهدا مذموما ومن ثم قالوا رب مغبوط بمسرة هي داؤه ومحزون من سقم هو شفاؤه ومنها ما يؤخذ به من وزره وآثامه ويحاسب عليه من شقائه وإجرامه وكما حكي أن هشام بن عبد الملك لما ثقل بكى عليه ولده فقال جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم له بالبكاء وترك لكم ما كسب وتركتم عليه ما اكتسب فعلم من هذا التقرير أن الحديث مسوق لذم من قتر على نفسه وعياله وشح بالمال أن ينفق منه في وجوه القرب وادخره لورثته. أما من وسع على عياله وتصدق قصدا بالمعروف ثم فضل بعد ذلك شيء فادخره لعياله فلا يدخل في الذنب بدليل خبر لأن تترك ورثتك أغنياء خير إلخ وقضيته أن من مات وخلف دينا لوارثه فلم يقبضه ثم مات الكل كان المطالب به في الآخرة الوارث لكن صرح أئمتنا بأن المطالب فيها صاحب الحق أولا
(ن عن ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله اعلموا إلخ وهو في الصحيحين بنحوه
1197 - (أعلنوا النكاح) أي أظهروه إظهارا وفرقا بينه وبين غيره من المآدب وهذا نهي عن نكاح السر وقد اختلف في كيفيته فقال الشافعي: كل نكاح حضره رجلان عدلان وقال أبو حنيفة: رجلان أو رجل وامرأتان خرج عن نكاح السر وإن تواصوا بكتمانه وذهبوا إلى أن الإعلان المأمور به هو الإشهاد وقال المالكية نكاح السر أن يتواصوا مع الشهود على كتمانه وهو باطل فالإعلان عندهم فرض ولا يغني عنه الإشهاد والأقرب إلى ظاهر الخبر أن المراد بالإعلان إذاعته وإشاعته بين الناس وإن الأمر للندب وأخذ منه ابن قتيبة وغيره أنه لا بأس بإظهار الملاعب في المآدب وساق سنده عن الخبر أنه لما ختن بنيه أرسل عكرمة ودعا الملاعبين وأعطاهم دراهم
(حم حب طب حل ك) من حديث عامر بن عبد الله (عن) عبد الله (بن الزبير) بضم الزاي وفتح الموحدة (ابن العوام) بفتح المهملة وشد الواو الصحابي ابن الصحابي أمير المؤمنين أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة وأول شيء دخل جوفه ريق المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان أطلس لا لحية له وكان صواما قواما عظيم المجاهدة بويع بالخلافة بمكة فحصره الحجاج وقتل مظلوما ورواه عنه هكذا البيهقي وقال تفرد به عامر هذا انتهى قال الذهبي: ولم يضعف ولا هو من رجال الكتب الستة. قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات ومن ثم رمز المصنف لصحته

الصفحة 10