كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

-[11]- 1198 - (أعلنوا هذا النكاح) أشيعوا عقده وأذيعوه ندبا ولا تكتموه وليس المراد هنا الوطء بدليل تعقيبه بقوله (واجعلوه في المساجد) مبالغة في إظهاره واشتهاره فإنه أعظم محافل أهل الخير والفضل (واضربوا عليه بالدفوف) جمع دف بالضم ويفتح ما يضرب به لحادث سرور (فإن قلت) المسجد يصان عن ضرب الدفوف فيه فكيف أمر به (قلت) ليس المراد أنه يضرب به فيه بل خارجه والمأمور بجعله فيه مجرد العقد فحسب وقد أفاد الخبر حل ضرب الدف في العرس ومثله كل حادث سرور ومذهب الشافعية أن الضرب به مباح مطلقا ولو بجلاجل وقد وقع الضرب به بحضرة شارع الملة ومبين الحل من الحرمة وأقره قال ابن حجر: واستدل بقوله واضربوا على أن ذلك لا يختص بالنساء لكنه ضعيف والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء فلا يلحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن انتهى وما ذكره تقدمه إليه الحليمي فخص حله بالنساء وقد أطال السبكي في رده فلا فرق بين ضربه من امرأة أو رجل على الأصح الذي اقتضاه قول الحديث اضربوا
(ت) في النكاح من حديث عيسى بن ميمون عن القاسم (عن عائشة)
قال أعني الترمذي وعيسى هذا ضعيف انتهى وجزم البيهقي بصحته وقال ابن الجوزي ضعيف جدا وقال ابن حجر في الفتح سنده ضعيف وقال الديلمي في تخريج أحاديث الهداية ضعيف لكن توبع ابن ماجه
1199 - (أعمار أمتي) أمة الدعوة لا أمة الإجابة كما هو بين ولكل مقام مقال (ما بين الستين) من السنين (إلى السبعين) أي ما بين الستين والسبعين وإنما عبر بإلى التي للانتهاء ولم يقل والسبعين الذي هي حق التعبير ليبين أنها لا تدخل إلا على متعدد لأن التقدير ما بين الستين وفوقها إلى السبعين فإلى غاية الفوقية لدلالة الكلام عليه وقال بعضهم معناه آخر عمر أمتي ابتداؤه إذا بلغ ستين وانتهاؤه سبعين (وأقلهم من يجوز ذلك) قال الطيبي: هذا محمول على الغالب بدليل شهادة الحال فإن منهم من لم يبلغ ستين وهذا من رحمة الله بهذه الأمة ورفقه بهم أخرهم في الأصلاب حتى أخرجهم إلى الأرحام بعد نفاد الدنيا ثم قصر أعمارهم لئلا يلتبسوا بالدنيا إلا قليلا فإن القرون السالفة كانت أعمارهم وأبدانهم وأرزاقهم أضعاف ذلك كان أحدهم يعمر ألف سنة وطوله ثمانون ذراعا وأكثر وأقل وحبة القمح ككلوة البقرة والرمانة يحملها عشرة فكانوا يتناولون الدنيا بمثل تلك الأجساد وفي تلك الأعمار فبطروا واستكبروا وأعرضوا عن الله {فصب عليهم ربك سوط عذاب} فلم يزل الخلق ينقصون خلقا ورزقا وأجلا إلى أن صارت هذه الأمة آخر الأمم يأخذون أرزاقا قليلة بأبدان ضعيفة في مدة قصيرة كيلا يبطروا فذلك رحمة بهم قال بعض الحكماء الأسنان أربعة سن الطفولية ثم الشباب ثم الكهولة ثم الشيخوخة وهي آخر الأسنان وغالب ما تكون بين الستين والسبعين فحينئذ يظهر بالنقص ضعف القوة والانحطاط فينبغي له الإقبال على الآخرة لاستحالة رجوعه للحالة الأولى من القوة والنشاط
(ت) عن أبي هريرة وقال حسن غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه قال ابن حجر وهو عجيب منه فقد رواه في الزهد أيضا من طريق أخرى عن أبي هريرة وإليه أشار المصنف بقوله (ع عن أنس) قال وفيه عنده عبد الأعلى شيخ هشيم. وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه ابن حبان والحاكم بسند الترمذي الأول ومتنه وقال في الفتح سنده حسن
1200 - (اعمل لوجه واحد يكفيك) من الكفاية والفاعل المعمول له المدلول عليه بالفعل (الوجوه كلها) أي اعمل لله تعالى وحده خالصا لوجهه يكفيك جميع مهماتك في حياتك وبعد مماتك قال الغزالي اعمل لأجل من إذا عملت لأجله ووحدته بقصدك وطلبت رضاه بعملك أحبك وأكرمك وأغناك عن الكل ولا تشرك بعبادته عبدا حقيرا مهينا -[12]- لا يغني عنك شيء
(عد فر عن أنس) وفيه أبو عبد الرحمن السلمي سبق أنه وضاع للصوفية ومحمد بن أحمد بن هارون قال الذهبي في الضعفاء متهم بالوضع ونافع بن هرمز أبو هرمز قال في الميزان كذبه ابن معين وتركه أبو حاتم وضعفه أحمد انتهى وبه يعرف أن سنده هلهل بالمرة فكان ينبغي للمصنف حذفه

الصفحة 11