كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

1226 - (أفش) بهمزة قطع مفتوحة (السلام) ندبا أي أظهره برفع الصوت أو بإشاعته بأن تسلم على من تراه تعرفه أم لا تعرفه فإنه أول أسباب التآلف ومفتاح استجلاب التودد مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع واعظام حرمات المسلمين ورفع التقاطع والتهاجر وهذا العموم خصه الجمهور بغير أهل الكفر والفجور قال ابن حجر وعكس أبو أمامة فأخرج عن الطبراني بسند جيد أنه كان لا يمر بمسلم ولا نصراني ولا صغير ولا كبير إلا سلم عليه فقيل له فقال أمرنا بإفشاء السلام وكأنه لم يطلع على دليل الخصوص (وابذل) بموحدة فمعجمة (الطعام) أي أعطه وجد به للخاص والعام من كل محترم (واستحي من الله كما تستحي رجلا) أي من رجل (من رهطك ذي هيئة (1) وليحسن) بلام الأمر فمثناة تحت مفتوحة فحاء ساكنة فسين مضمومة (خلقك) قرنه بلام الأمر دون غيره مما ذكر معه إيماءا إلى أنه أس ما ذكر قبله وبعده وعماد الكل (وإذا أسأت) إلى أحد بقول أو فعل (فأحسن) إليه كذلك (فإن الحسنات يذهبن السيئات) أرشد إلى إيصال النفع بالقول والفعل فالقول كإفشاء السلام وفي معناه كل قول كشفاعة وتعليم خير وهداية ضال وإنذار مشرف ونحوها والفعل كالإطعام وفي معناه كل فعل ككسوة عار وسقي ظمآن ونحوها وختم بالأمر بالإحسان لما أنه اللفظ الجامع الكلي وفيه الحث على الجود والسخاء ومكارم الأخلاق وخفض الجناح للمسلمين والتواضع والحث على تآلف قلوبهم واحتماع كلمتهم وتواددهم واستجلاب ما يحصل ذلك والحديث يشتمل على نوعي المكارم لأنها إما مالية والإطعام إشارة إليها أو بدنية والسلام إشارة إليها
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي فيه ابن لهيعة وفيه لين وبقية رجاله ثقات
_________
(1) قوله ذي هيئة: كذا المصنف فلعل الراوية كذلك فتأمل في إعرابه ولعله جر للمجاورة: اه
1227 - (أفشوا) بهمزة قطع مفتوحة (السلام) بينكم (تسلموا) من التنافر والتقاطع وتدوم لكم المودة وتجمع القلوب وتزول الضغائن والحروب فأخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن السلام يبعث على التحابب وينفي التقاطع قال الماوردي وقد جاء في كتاب الله تعالى ما يفيده قال الله تعالى {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} فحكى عن مجاهد أن معناه ادفع بالسلام إساءة المسيء قال بعضهم وإفشاء السلام ابتداء يستلزم إفشاءه جوابا وقال ابن دقيق العيد استدل بالأمر بالإفشاء من قال بوجوب الابتداء بالسلام وفيه نظر إذ لا سبيل إلى القول بأنه فرض عين على التعميم من الجانبين وهو أن يجب على كل أحد أن يسلم على كل من لقيه لما فيه من الحرج والمشقة فإذا سقط من جانبي العمومين سقط من جانبي الخصوصين إذ لا قائل بأنه يجب على واحد دون الباقين وإذا سقط على هذه الصورة لم يسقط الاستحباب لأن العموم بالنسبة إلى كلا الفريقين ممكن انتهى قال ابن حجر: وهذا البحث -[23]- ظاهر في حق من قال إن ابتداء السلام فرض عين لا كفاية إذا قلنا إنه واجب على واحد لا بعينه
(خد ع هب حب) كلهم عن (البراء) بن عاوب قال ابن حبان صحيح وقال الهيثمي رواه عنه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات

الصفحة 22