كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

1228 - (أفشوا السلام بينكم تحابوا) يحذف إحدى التائين للتخفيف أي تأتلف قلوبكم وفيه مصلحة عظيمة من اجتماع قلوب المسلمين وتناصرهم وتعاضدهم ولهذا قال بعضهم إنه أدفع للضغينة بغير مؤنة واكتساب أخوة بأهون عطية وصدر هذا الحديث لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا إلى آخره وإفشاؤه نشره لكافة المسلمين من عرف ومن لم يعرف قال النووي الإفشاء الإظهار والمراد نشر السلام بين الناس ليحيوا سنته وأقله أن يرفع صوته بحيث يسمع المسلم عليه فإن لم يسمعه لم يكن آتيا بالسنة ويستحب أن يرفع صوته بقدر ما يتحقق أنه سمعه
(ك عن أبي موسى) قال الحاكم صحيح وتبعه المصنف فرمز لصحته
1229 - (أفشوا السلام فإنه) أي إفشاؤه المفهوم من أفشوا (لله تعالى رضى) أي هو مما يرضى الله به عن العبد بمعنى أنه يقبله ويثيبه عليه قال القيصري ومعنى سلام عليكم سلمت مني أن أضرك أو آذيك بظاهري وباطني والإفشاء الإظهار قال ابن العربي من فوائد إفشاء السلام حصول الألفة فتتآلف الكلمة وتعم المصلحة وتقع المعاونة على إقامة شرائع الدين وإخزاء الكافرين وهي كلمة إذا سمعت أخلصت القلب الواعي لها غير الحقود إلى الإقبال على قائلها
(طس عد عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي فيه سالم بن عبد الأعلى أبو الفيض متروك فرمز المصنف لحسنه غير مرضي
1230 - (أفشوا السلام) قال القاضي إفشاء السلام رفع الصوت به وإشاعته قال ويستثنى من ندب رفع الصوت بالسلام ما لو دخل مكانا فيه نيام فالسنة ما ثبت في صحيح مسلم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان (كي تعلوا) أي يرتفع شأنكم فإنكم إذا أفشيتموه تحاببتم فاجتمعت كلمتكم فقهرتم عدوكم وعلوتم عليه وأراد الرفعة عند الله
(طب عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه وليس كما زعم فقد قال الحافظ المنذري إسناده جيد والهيثمي وغيره: إسناده حسن
1231 - (أفشوا السلام) أظهروه ودخل في عموم إفشائه من دخل مكانا ليس فيه أحد لقوله تعالى {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} ذكره ابن حجر وفي الأدب بسند حسن عن ابن عمر يستحب إذا لم يكن بالبيت أحد أن يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (وأطعموا الطعام) قال العراقي المراد به هنا قدر زائد على الواجب في الزكاة سواء فيه الصدقة والهدية والضيافة والأمر للندب وقد يجب (واضربوا الهام) أي رؤوس الكفار جمع هامة بالتخفيف الرأس قال الزين العراقي اقتصر فيه على ضرب الهام لأن ضرب الرؤوس مفض للهلاك بخلاف بقية البدن قإنه تقع فيه الجراح ويبرأ صاحبها فإذا فسد الدماغ هلك صاحبه (تورثوا الجنان) التي وعد بها المتقون لأن أفعالهم هذه لما كانت تخلف عليهم الجنان فكإنهم ورثوها قال الطيبي: والحديث من باب التكميل كقوله تعالى {أشداء على الكفار رحماء بينهم} إذ تخصيص الهام بالضرب يدل على بطالتهم وشدة ضربتهم وقال بعضهم جمع المصطفى صلى الله عليه وسلم بين هذه القرائن المتعددة إشارة إلى جواز التسجيع لكن شرطه عدم التكلف والتصلف بدليل قوله في خبر آخر: أسجع كسجع الكهان. وذم المستشريق بإظهار فصاحتهم لصرف الوجوه إليهم وحاشى المصطفى صلى الله عليه -[24]- وسلم عن قصد ذلك بل إذا قصد البيان لدين الله سمح طبعه الزكي وعنصره العربي بترادف قرائن لكمال فصاحته بغير تكلف في استخراجها وهذا الحديث رواه أيضا العسكري عن عبد الله بن سلام بنحوه وزاد بيان السبب فقال لما قدم المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله فقيل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت في الناس لأنظر فلما رأيته عرفت أنه ليس بوجه كذاب وكان أول شيء تكلم به أن قال يا أيها الناس أفشوا السلام إلخ
(ت عن أبي هريرة) وقال حسن غريب انتهى

الصفحة 23