كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

1232 - (أفشوا السلام) قال بعضهم والحكمة فيه أن ابتداء التلاقي وما ألحق به من مواطن مشروعية السلام ربما نشأ عنه خوف أو كبر من إحدى الجانبين فشرع نفيهما بالبداءة بتحية السلام إزالة للخوف وتحليا بالتواضع واستثنى بعضهم من طلب إفشاء السلام ما لو علم من إنسان أنه لا يرد عليه فلا يسلم عليه لئلا يوقعه في المعصية وتعقبه النووي بأن المأمورات الشرعيه لا تترك لمثل ذلك ولو نظرنا لذلك بطل إنكار كثير من المنكرات ورده ابن دقيق العيد بأن مفسدة توريط المسلم أشد من ترك مصلحة السلام سيما وامتثال الإفشاء يحصل مع غيره (وأطعموا الطعام) فإن فيه قوام البدن قال البيهقي يحتمل إطعام المحاويج ويحتمل الضيافة أو هما معا وللضيافة في التآلف والتحابب أثر عظيم (وكونوا إخوانا كما أمركم الله) بها من الإخاء في الله والحب فيه قال سبحانه وتعالى {إنما المؤمنون إخوة} قال أبو الدرداء فيما أخرجه الحكيم الترمذي عنه ما لكم عباد الله لا تحابون وأنتم إخوان على الدين ما فرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم ولو اجتمعتم على أمر تحاببتم ما هذا إلا من قلة الإيمان في صدوركم ولو كنتم توقنون بخير الآخرة وشرها كما توقنون بأمر الدنيا لكنتم للآخرة أطلب فبئس القوم أنتم إلا قليلا منكم ما حققتم إيمانكم بما يعرف به الإيمان البالغ فنبرأ منكم
(هـ عن ابن عمر) بن الخطاب وكذا رواه النسائي
1233 - (أفضل الأعمال) بعد الإيمان أي أكثرها ثوابا (الصلاة لوقتها) في رواية على وقتها واللام بمعنى في أو للإستقبال نحو {فطلقوهن لعدتهن} وأما خبر أسفروا بالفجر فمؤول كما مر (وبر الوالدين) في رواية ثم بدل الواو ووجهه ظاهر والصلاة أول وقتها أي المحافظة عليها المأمور به في آية {حافظوا على الصلوات} والمحافظة تكون بأدائها أول وقتها خوف فوت فضيلها وهذا حث على ندب المبادرة وخبر فصلى بي جبريل الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله بيان للجواز واعلم أن الله تعالى قد عظم شأن الوالدين وقرن حقهما بحقه وشركه بواو العطف في قوله {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} لأن الله تعالى خلق الولد وصوره وأخرجه إلى الدنيا ضعيفا لا حيلة له ثم قيض له أبويه فتكفلا بتربيته لأنه لا قوام له بنفسه فلم يزالا يربيانه حتى أوصلاه إلى حد يقوم بنفسه ولو تركاه ونفسه هلك فكانا سبب تمام خلقه ونشأته فالله هو الخالق المصور حقيقة وهما المنشآن له مجازا فلذلك لا يقدر أحد أن يقوم أحد بحق أبويه فإن من كان سبب نشأتك كيف تفي بحقه أو تفي بشكره ولذلك قرن تعالى عقوقهما بالشرك به كما قرن طاعتهما بطاعته ولما كان الشرك لا يغفر عظم قدر العقوق لاقترانه به فمن بر والديه فقد بر ربه لان في برهما بره للإشتراك المتقدم ومن عقهما فقد عقه
(م عن ابن مسعود) قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل فقال الصلاة لوقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله
1234 - (أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها) لأنها أعظم الوصل بين العبد وربه وهي عماد الدين وعصام النبيين مشتملة -[25]- على ما لم يشتمل عليه غيرها من الكمالات ولهذا قال بعض أهل الكمال الصلاة طهرة للقلب واستفتاح لأبواب الغيوب تتسع فيها ميادين الأسرار وتشرق فيها شوارق الأنوار ثم ما أحسن تركيبها وما أبدع ترتيبها فكما أن الجنة قصورها لبنة من ذهب وأخرى من فضة وملاطها المسك فالصلاة بناؤها لبنة من قراءة ولبنة من ركوع ولبنة من سجود وملاطها التسبيح والتحميد
(د ت عن أم فروة) الأنصارية صحابية لها حديث ويقال هي بنت أبي قحافة أخت أبي بكر الصديق رمز المصنف لصحته وكأنه ذهل عن قول الصدر المناوي وغيره فيه عبد الله بن عمر العمري غير قوي وقد تكلم فيه يحيى من جهة حفظه وعن قول الحافظ ابن حجر رواه أبو داود والترمذي وفي إسناده اضطراب

الصفحة 24