كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

1241 - (أفضل الأعمال الحب في الله) أي في ذات الله لا لشوب رياء ولا هوى (والبغض في الله) قال الطيبي في هنا بمعنى اللام في الحديث الآتي من أحب لله إشارة إلى الإخلاص لكن في هنا أبلغ أي الحب في جهته ووجهه كقوله تعالى {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} أي في حقنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصا فمن أفضل الأعمال أن يحب الرجل الرجل للإيمان والعرفان لا لحظ نفساني كإحسان وأن يكرهه للكفر والعصيان لا لإيذائه له والحاصل أن لا يكون معاملته مع الخلق إلا لله ومن البغض في الله بغض النفس الأمارة بالسوء وأعداء الدين وبغضهما مخالفة أمرهما والمجاهدة مع النفس بحبسها في طاعة الله بما أمر ونهى ومع أعدائه تعالى بالمصابرة معهم والمرابطة لأجلهم وهذا الحديث على وجازته من الجوامع ومن تدبره وقف على سلوك طريق الله وفناء السالك في الله. ثم إن قيل كيف يكون الحب في الله والبغض فيه أفضل من نحو الصلاة والصوم والجهاد؟ قلنا من أحب في الله يحب أنبياءه وأولياءه ومن شرط محبته إياهم أن يقفوا أثرهم ويطيع أمرهم قال القائل:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه. . . هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته. . . إن المحب لمن يحب مطيع
وكذا من أبغض في الله أبغض أعداءه وبذل جهده في مجاهدتهم بالبنان واللسان. قال ابن رسلان: وفيه أنه يجب أن يكون للإنسان أعداء يبغضهم في الله كما له أصدقاء يحبهم في الله تعالى
(د عن أبي ذر) قال الصدر المناوي: وفيه رجل مجهول
1242 - (أفضل الأيام) أي أيام الأسبوع. قال أبو البقاء: أصل أيام أيوام اجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الأولى فيها (عند الله) العندية للتشريف (يوم الجمعة) لما له من الفضائل التي لم تجتمع لغيره فمنها أن فيه ساعة محققة الإجابة وموافقته يوم وقفة المصطفى صلى الله عليه وسلم واجتماع الخلائق فيه في الأقطار للخطبة والصلاة ولأنه يوم عيد كما في الخبر لموافقته يوم الجمع الأكبر والموقف الأعظم يوم القيامة ومن ثم شرع الاجتماع فيه والخطبة ليذكروا المبدأ والمعاد والجنة والنار ولهذا سن في فجره قراءة سورتي السجدة وهل أتى لاشتمالهما على ما كان ويكون في ذلك اليوم من خلق آدم والمبدأ والمعاد ولأن الطاعة الواقعة فيه أفضل منها في سائر الأيام حتى أن أهل الفجور يحترمون يومه وليلته ولموافقته يوم المزيد في الجنة وهو اليوم الذي يجتمع فيه أهلها على كثبان المسك فلهذه الوجوه فضلت وقفة الجمعة على غيرها لكن ما استفاض أنها تعدل اثنتين وسبعين حجة باطل لا أصل له كما بينه بعض الحفاظ ثم الكلام في أفضل أيام الأسبوع أما أفضل أيام العام فعرفة والنحر وأفضلهما عند الشافعي عرفة لأن صيامه يكفر سنتين وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه فيه ولأن الحق سبحانه يباهي ملائكته بأهل الموقف وقيل الأفضل يوم النحر ففيه التضرع والتوبة وفي النحر الوفادة والزيادة
(هب عن أبي هريرة) إسناده حسن

الصفحة 28