كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

1247 - (أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل) ذكر الرجل وصف طردي (نفسه) في ذات الله (وهواه) بأن يكفهما عن الشهوات ويمنعهما عن الاسترسال في اللذات ويلزمهما فعل الأوامر وتجنب المناهي فإنه الجهاد الأكبر والهوى اكبر أعدائك وهو ونفسك أقرب الأعداء إليك لما أن ذلك بين جنبيك والله يقول {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين بلونكم من الكفار} ولا أكفر عندك من نفسك فإنها في كل نفس تكفر نعمة الله عليها وإذا جاهدت نفسك هذا الجهاد خلص لك جهاد الأعداء الذي إن قتلت فيه كنت شهيدا من الأحياء الذين عند ربهم يرزقون ولعمري إن جهاد النفس لشديد بل لا شيء أشد منه فإنها محبوبة وما تدعو إليه محبوب فكيف إذا دعيت إلى محبوب فإذا عكس الحال وخولف المحبوب اشتد الجهاد بخلاف جهاد أعداء الدين والدنيا ولهذا قال الغزالي: وأشد أنواع الجهاد الصبر على مفارقة ما هواه الإنسان وألفه إذ العادة طبيعة خامسة فإذا انضافت إلى الشهوة تظاهر جندان من جنود الشيطان على جند الله ولا يقوى باعث الدين على قمعهما. فلذا كان أفضل الجهاد وقال أبو يزيد: ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي حتى سقتها إليه وهي تضحك. <تنبيه> قال ابن عربي: العلل في طريق السالكين ليس لها محل إلا النفوس فقط لا حظ فيها للعقول ولا للبدن فإن دواء علل العقول اتخاذ الميزان الطبيعي وإزالة الفكر ومداومة الذكر ليس إلا وعلل البدن الأدوية الطبية وأما أمراض النفس فثلاثة: مرض في الأقوال كالتزام قول الحق فإن الغيبة حق وقد نهى عنها والنصيحة في الملاحق وهي نصيحة مذمومة وكالمن والتحدث بما لا يعني ونحو ذلك ومرض في الأفعال كالرياء والعجب ومرض في الأحوال كصحبة للأولياء ليشيع أنه منهم وهو في نفسه مع شهوته فمن عرف هذه العلل وأدواءها وخلص نفسه منها فقد نفعها وذلك أفضل الجهاد مطلقا فإنه فرض عين مطلقا
(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي ذر) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول عجب وقد خرجه الحافظ أبو نعيم والديلمي من حديث أبي ذر بلفظ: أفضل الجهاد أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله
1248 - (أفضل الحج العج) بفتح العين المهملة (والثج) أي أفضل أعمال الحج رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدي كذا في الكشاف. قال الطيبي: أراد بهما الاستيعاب فبدأ بالإحرام الذي هو الإهلال وانتهى بالتحلل الذي هو إهراق دم الهدي فاكتفى بالمبتدأ والمنتهى عن سائر أعماله: يعني أفضل الحج ما استوعب جميع أعماله من أركان وشروط ومندوبات. قال ابن عبد السلام: وأفضل أركان الحج الطواف فهو أفضل من الوقوف لشبهه بالصلاة والعج رعف الصوت بالتلبية والثج إراقة الدم وكل سائل لكن سائل الحج هو الدم كما في العارضة
(ت) في التفسير (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه الضحاك بن عثمان قال أبو زرعة: ليس بقوي ووثقه ابن معين (هـ ك) في الحج (هق) كلهم (عن أبي بكر) الصديق وصححه الحاكم وأقره الذهبي في التلخيص وإنه لشيء عجاب مع أن فيه يعقوب بن محمد الزهري أورده هو - أعني الذهبي - في الضعفاء وقال: ضعفه أبو زرعة وغير واحد وفيه أيضا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أورده في ذيل الضعفاء وقال ثقة مشهور. قال ابن سعيد: ليس بحجة (ع عن ابن مسعود) قال: سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي الحج أفضل؟ فذكره واستغربه الترمذي وهو معلول من طرقه الثلاثة. قال ابن حجر: حديث ابن ماجه عن ابن عمر فيه إبراهيم بن يزيد الجوزي وحديث الحاكم عن أبي بكر فيه -[32]- انقطاع بين المنكدر وعبد الرحمن بن يربوع نبه عليه الترمذي وحديث أبي يعلى عن ابن مسعود فيه الواقدي اه

الصفحة 31