كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

1285 - (أفضل العيادة) بمثناة تحتية أي زيارة المريض (أجرا سرعة القيام من عند المريض) أي أفضل ما يفعله العائد في العيادة أن يقوم سريعا فلا يمكث إلا بقدر فراق ناقة وذلك لأنه قد يبدو للمريض حاجة فيستحي من جلسائه وأخرج البيهقي عن سلمة بن عاصم قال دخلت على الفراء أعوده فأطلت وألحفت في السؤال فقال لي ادن فدنوت فأنشدني:
حق العيادة يوم بعد يومين. . . ولحظة مثل لحظ الطرف بالعين
لا تبرمن مريضا في مسائله. . . يكفيك من ذاك تسأل ما بحرفين
والكلام في غير متعهده ومن يشق عليه مفارقته
(فر عن جابر) وفيه علي بن أحمد بن النضر قال الذهبي في الضعفاء قال الدارقطني ضعيف ومحمد بن يوسف الرقي قال الذهبي كذبه الخطيب وكان حافظا رحالا
1286 - (أفضل الغزاة في سبيل الله خادمهم) أي الذي يتولى خدمتهم في الغزاة مع كونه خرج بنية الغزو وهو من أهله ومثله في الأفضلية المخذل عنهم كنعيم الأشجعي الذي قال له المصطفى صلى الله عليه وسلم في الأحزاب خذل عنا فإن الحرب خدعة (ثم) بعده في الفضل الإنسان (الذي يأتيهم بالأخبار) أي بما كان من أمر العدو وما يتعلق بشأن الحرب (وأخصهم عند الله منزلة) أي أرفعهم درجة (الصائم) فرضا أو نفلا أو في الغزو كما يشير إليه السياق والكلام فيمن لم يضعفه الصوم عن نحو القتال وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الطبراني ومن استقى لأصحابه قربة في سبيل الله سبقهم إلى الجنة بسبعين درجة انتهى
(طس عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه ووجهه أن فيه كما قال الهيثمي عنبسة بن مهران الحداد وهو ضعيف وأقول فيه أيضا يحيى بن المتوكل قال الذهبي وغيره ضعفوه فتعصيبه الجناية برأس عنبسة وحده ليس من الانصاف في شيء
1287 - (أفضل الفضائل) جمع فضيلة قال الراغب: وهي اسم لما يحصل به للإنسان مزية على الغير وهي أيضا اسم لما يتوصل به إلى السعادة ويضادها الرذيلة وقال في المفهم الفضائل جمع فضيلة وهي الخصلة الجميلة التي يحصل لصاحبها بسببها شرف -[46]- وعلو منزلة عند الحق أو الخلق والثاني لا عبرة به إلا إن أوصل إلى الأول وقال الغزالي في الميزان: أمهات الفضائل كثيرة تجمعها أربعة تشمل شعبها وأنواعها والأربعة الحكمة والشجاعة والعفة والعدالة فالحكمة فضيلة القوة العقلية والشجاعة فضيلة القوة الغضبية والعفة فضيلة القوة الشهوية والعدالة وقوع هذه القوى على الترتيب الواجب فيها وبها تتم جميع الأمور (أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك) لما فيه من المشقة ومجاهدة النفس وإرغامها ومكايدة الطبع لمياه إلى المؤاخذة والإنتقام (وتصفح عمن ظلمك) لأن ذلك أشق على النفس من سائر العبادات الشاقة فكان أفضل قال الراغب: فالعفو عمن ظلمك نهاية الحلم والشجاعة وإعطاء من حرمك غاية الجود ووصل من قطعك نهاية الإحسان وقال بعضهم من قابل الإساءة بالإحسان فهو أكمل أفراد الإنسان وهو المستحق لقصر وصف الإنسانية عليه حقيقة أو ادعاءا ومبالغة ومن ثمرات هذا الخلق صيرورة العدو خليلا أو صيرورته قتيلا وتنتكل بها سهام القدرة الإلهية تنقلا قال حجة الإسلام: رأيت في الإنجيل قال عيسى لقد قيل لكم من قبل إن السن بالسن والأنف بالأنف والأذن بالأذن والآن أقول لكم لا تقابلوا الشر بالشر بل من ضرب خدك اليمين فحول إليه الأيسر ومن أخذ رداءك فأعطه إزارك <تنبيه> قال بعضهم: رأى ابن الخطاب - شيخ ابن عربي - ربه في النوم فقال يا رب علمني شيئا آخذه عنك بلا واسطة فقال يا ابن الخطاب من أحسن إلى من أساء إليه فقد أخلص لله شكرا ومن أساء إلى من أحسن إليه فقد بدل نعمة الله كفرا فقال يارب حسبي فقال حسبك (تنبيه آخر) قال ابن الزملكاني: الفضل لغة عبارة عن الزيادة وكلما زاد عن الإقتصاد فهو فضل لكنه يشمل المحمود والمذموم في أصل وضعه فإن الفضل منه محمود كفضل العلم على الجهل ومذموم كالإفراط في الصفات المحمودة حتى تخرج إلى صفة الذم كالسرف في العطاء وقد كثر استعمال الفضل عرفا في المحمود والفضول في المذموم والغالب استعماله في زيادة أحد أمرين على الآخر بعد اشتراكهما في أصل ما وقعت به المفاضلة إذا كانت تلك الزيادة فيما هو صفة كمال لذلك الشيء فقد تحصل الزيادة في الجسم وهي نقصان في المعنى ثم الفضيلة تارة تكون باعتبار ذاتي وتارة تكون باعتبار عرضي فالذي بالاعتبار الذاتي كتفضيل أحد الجنسين على الآخر في آية {الرجال قوامون على النساء} والذي بالاعتبار العرضي فيما يمكن اكتسابه وقد يطلق الفضل على كل عطية لا تلزم المعطي
(حم طب عن معاذ بن أنس) قال العراقي سنده ضعيف وبينه تلميذه الهيثمي وتبعه المنذري فقال فيه زبان بن فايد ضعيف وأقول فيه أيضا ابن لهيعة وحاله معروف وسهل بن معاذ أورده الذهبي في الضعفاء وقال ضعفه ابن معين

الصفحة 45