كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

1290 - (أفضل الكسب بيع مبرور) أي لا غش فيه ولا خيانة أو معناه مقبول في الشرع بأن لا يكون فاسدا أو مقبول عند الله بأن يكون مثابا عليه (عمل الرجل بيده) من نحو صناعة أو زراعة وقيد العمل باليد لكون أكثر مزاولته بها وخص الرجل لأنه المحترف غالبا لا لإخراج غيره وظاهر الحديث تساويهما في الأفضلية قال بعضهم وقد قيل له لا تتبع التكسب فيدنيك من الدنيا فقال لئن أدناني من الدنيا فقد صانني عنها
(حم طب) من حديث جميع بن عمير (عن) خاله (أبي بردة بن نيار) ككتاب - الأنصاري قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الكسب فذكره وجميع هو ابن عمير التيمي الكوفي قال الذهبي في الضعفاء صدوق رموه بالكذب وفي الكاشف شيعي واه وقال البخاري فيه نظر فقال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير باختصار وقال عن خاله أبي بردة والبزار كأحمد لكنه قال عن جميع بن عمير وجميع وثقه أبو حاتم وقال البخاري فيه نظر ورواه الطبراني في الكبير والأوسط باللفظ المزبور عن ابن عمرو وقال أعني الهيثمي ورجاله ثقات
1291 - (أفضل) وفي رواية أحب (الكلام) بعد القرآن كما في الهدي زاد في الرواية أربع أي أربع كلمات وهي (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) إذ هي أفضل الكلام الآدميين ذكره النووي وقال القاضي المراد كلام البشر لأن الثلاث الأول وإن وجدت قي القرآن لكن الرابعة لم توجد فيه ولا يفضل ما ليس فيه على ما فيه ولأنه روى في خبر أفضل الذكر بعد كتاب الله تعالى سبحان الله إلى آخره وقدم أبو حنيفة المقدم وفضل مالك الثاني ومر أنه المختار عند أصحابنا والموجب لفضلها اشتمالها على جملة أنواع الذكر من تنزيه وتحميد وتوحيد وتمجيد ودلالتها على جميع المطالب الإلهية إجمالا وقيل ما يعم القبيلين والرابعة وإن لم توجد في القرآن بهذه الصيغة لكن فيه ما يفيد فائدتها وهذا النظم وإن لم يتوقف عليه المقصود في استقلال كل من الجمل الأربعة لكنه حقيق بأن يراعى لأن الناظر المتدرج في المعارف يعرفه سبحانه أولا بنعوت الجلال التي تنزه ذاته عما يوجب حاجة (1) أو نقصا ثم بصفات الإكرام وهي الثبوتية التي يستحق بها الحمد وأخرج الحكيم عن معاذ مرفوعا ألا أخبركم عن وصية نوح لابنه حين حضره الموت؟ قال: إني واهب -[48]- لك أربع كلمات هن قيام السماوات والأرض وهن أول كلمات دخولا على الله سبحانه وتعالى خروجا من عنده فاعمل بهن واستمسك حتى يلقاك وهي أن تقول سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله اكبر والذي نفس نوح بيده لو أن السماوات والأرضين وما فيهن وزن بها لوزنتهن قال الحكيم فنعم الواهب ونعم الموهوب له ونعمت المواهب فمن قام بها كان من الأولياء فإنها عماد الأعمال فبالتسبيح تطهر الأعمال وبالتقديس والتحميد تحط الأثقال وبالتهليل تقبل الطاعات وبالتكبير ترفع وتنال المثوبات وهذه الكلمات تطرق إلى مالك الملك وتسهل السبيل إليه وتشفع وتزبن وبهن يقرع الباب إذا وعت القلوب معانيها في الصدور وزينتها العقول لأفئدة القلوب وأشرقت أنوارها في الرؤيات من بين أودية الأفكار وعلى بصائر أسماع هواجس الإخلاص ثم يعلم من شأنه هنا لا يماثله غيره ولا يستحق الألوهية سواه فيكشف له من ذلك أنه أكبر إذ كل شيء هالك إلا وجهه وقال ابن القيم: الثناء أفضل من الدعاء ولهذا عدلت الإخلاص ثلث القرآن لأنها أخلصت لوصف الرحمن والثناء عليه وفلذا كان سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أفضل الكلام بعد القرآن
(حم عن رجل) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث سمرة أيضا بلفظ أفضل الكلام أربع سبحان الله إلى آخر ما هنا بل رواه مسلم في الأسماء والصفات والنسائي في يوم وليلة عن سمرة أيضا بلفظ أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت انتهى وقد مر ويجيء أن الحديث إذا كان في الصحيحين أو أحدهما فليس لحديثي عزوه لغيره
_________
(1) [في الأصل حرفان غير مطبوعان: " عما يوجب؟ ؟ جة أو نقصا "
وإن للمناوي عبارة طويلة مشابهة قبل هذا في شرح الحديث 215 - (أحب الكلام إلى الله) -[173]-
فصححنا الحرفين هنا من تلك العبارة. دار الحديث]

الصفحة 47