1296 - (أفضل الناس مؤمن يجاهد في سبيل الله) قال ابن حجر أراد بالمؤمن هنا من قام بما تعين عليه ثم حصل هذه الفضيلة لا أن المراد من اقتصر على الجهاد وأهمل الفروض العينية (بنفسه وماله) لما فيه من بذلهما لله مع النفع المتعدي قالوا ثم من يا رسول الله؟ قال (ثم) يلي المجاهد في الفضل (مؤمن) منقطع للتعبد (في شعب من الشعاب) بالكسر فرجة بين جبلين وليس بقيد بل مثال إذ الغالب على الشعاب الخلو من الناس فلذلك مثل به للعزلة والإنفراد (يتقي الله) أي يخافه فيما أمر ونهى (ويدع) أي يترك (الناس من شره) فلا يشاورهم ولا يخاصمهم بل ينفرد بمحل بعيد عنهم لأن من خالط الأنام قلما يسلم من ارتكاب الآثام وهذا صريح في تفضيل الانفراد لما فيه من السلامة من الغيبة واللغو وغير ذلك وأما اعتزال الناس بالكلية فجعله الجمهور ومنهم النووي محله في زمن الفتنة أو فيمن لا يصبر على أذى الناس
(حم ق ت ن هـ عن أبي سعيد) الخدري قال قيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟ فذكره
1297 - (أفضل الناس مؤمن مزهد) بضم الميم وسكون الزاي وفتح الهاء قليل المال لأن ما عنده يزهد فيه لقلته
فلم يطلبوا أسرها للغنى. . . ولم يسلموها لازدهادها
أفاده الزمخشري فعلى هذا هو اسم مفعول أي مزهود فيه لقلة ماله فهو لفقره ورثائته لا يؤبه به ولا يلتفت إليه لكن نقل بعضهم عن المشارق أنه اسم فاعل من أزهد في الدنيا إذا تخلى عنها للتعبد وزهد المؤمن في الدنيا يبلغه أقصى المراتب في العقبى ومن ثم لما سئل عيسى عليه السلام عن رجلين مرا بكنز فتخاطاه أحدهما ولم يلتفت إليه وأخذه الآخر أيهما أفضل قال الذي تركه
(فر عن أبي هريرة) وفيه علي بن عبد العزيز فإن كان البغوي فثقة لكنه كان يطلب على التحديث أو الكاتب فقال الخطيب لم يكن في دبنه بذاك
1298 - (أفضل الناس رجل) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان أي إنسان (يعطي جهده) بالضم أي وسعه بحسب ما يقدر عليه ومقصود الحديث أن صدقة المقل أفضل أي أكثر أجرا من صدقة كثير المال ببعض ماله الذي لا يظهر أثر نقصانه عليه وإن كثر والأعمال عند الله تتفاضل بتفاضل ما في القلوب لا بكثرتها وصورتها بل بقوة الداعي وصدق الفاعل وإخلاصه وإيثارا لله على نفسه فأين صدقة من آثر الله على نفسه برغيف هو قوته من صدقة من أخرج مئة ألف من ماله غيضا من فيض؟ فرغيف هذا ودرهمه في الميزان أفضل من مئة ألف من ذاك
(الطيالسي) أبو داود (عن ابن عمر) بن الخطاب