كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

2426 - (إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي) أي طريقتي التي شرعتها (فقد اهتدى) أي سار سيرة مرضية حسنة (ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك) الهلاك الأبدي وشقي الشقاء السرمدي قال الزمخشري: هدى هدي فلان سار سيرته وفي حديث واهتدوا بهدي عمار وما أحسن هديه وفلان هالك في الهوالك واهتوى فلان ألقى نفسه في التهلكة
(هب عن ابن عباس وابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح
2427 - (إن لكل غادر) أي لكل ناقض للعهد تارك للوفاء بما عاهد عليه قال بعضهم والمشهور بين المصنفين أن هذا الغدر إنما هو في الحروب من نقض عهد أو أمان والحمل على الأعم أتم (لواء) أي علم وهو دون الراية ينصب له (يوم القيامة يعرف به) بين أهل الموقف تشهيرا له بالغدر وتفضيحا على رؤوس الأشهاد يوم القيامة ولما كان الغدر إنما يقع مكتوما مستترا أشهر صاحبه بكشف ستره ليتم فضيحته وتشيع عقوبته وأصل اللواء الشهرة فلما كان الغدر لا يقع إلا بسبب خفي عوقب بضد ما فعل وهي شهرته هذه الشهرة التي تتضمن الخزي على رؤوس الأشهاد ويكون ذلك اللواء (عند استه) استخفافا بذكره واستهانة لأمره ومبالغة في غرابة شهرته وقبيح فعلته أو لأن علم العزة ينصب تلقاء الوجه فناسب أن يكون علم الذلة فيما هو كالمقابل له والاست كما في الصحاح وغيره العجز وقد يراد به حلقة الدبر وهمزته وصل ولامه محذوفة والأصل ستة بفتحتين وقد تزاد الهاء الحذوفة وتحذف التاء فيقال سه قال الزمخشري: وتقول باست فلان إذا استخففت به
(الطيالسي) أبو داود (حم) كلاهما (عن أنس) بن مالك بإسناد حسن
2428 - (إن لكل قوم فارطا) أي سابقا إلى الآخرة يهييء لهم ما ينفعهم فيها (وإني فرطكم على الحوض) أي متقدمكم إليه وناظر لكم في إصلاحه وتهيئته فتردون علي فيه (فمن ورد على الحوض فشرب لم يظمأ ومن لم يظمأ دخل الجنة) أي أن من يعذب في الموقف بالظمأ يدخل النار إما خالدا إن كان كافرا أو للتطهير إن كان مؤمنا ومن لم يقدر له الظمأ ذلك اليوم لشربه من الحوض لا بد وأن يدخل الجنة أولا من غير دخول النار أصلا والفارط كما في الصحاح وغيره السابق الذي يتقدم الواردة فيهييء لهم الرشاد والدلاء ويمد لهم الحياض ويستسقي لهم قال الزمخشري: ومن المجاز فرط له ولد سبق إلى الجنة جعله الله لك فرطا وافترط فلان أولادا والورود الحضور كما في الصحاح وغيره والحوض ما يجتمع فيه الماء للشرب ونحوه والظمأ العطش
(طب عن سهل بن سعد) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير موسى بن يعقوب الزمعي وقد وثقه غير واحد وفيه ضعف
2429 - (إن لكل قوم فراسة) بكسر الفاء (وإنما يعرفها الأشرف) أي العالو المرتبة المرتفعو المقدار في علم طريق الآخرة وسبق أن الفراسة ما يوقعه الله في قلوب أوليائه فيعلمون أحوال الناس بنوع كرامة وإصابة حدس فللقلب عين كما أن -[515]- للبصر عينا فمن صح عين قلبه وأعانه نور الله اطلع على حقائق الأشياء وعلى إدراك العالم العلوي وهو في الدنيا فيرى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وقاعدة الفراسة الصحيحة وأسها الغض عن المحارم قال الكرماني: من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وكف نفسه عن الشهوات وغض بصره عن المحرمات واعتاد أكل الحلال لم تخطىء فراسته أبدا اه. فمن وفق لذلك أبصر الحقائق عيانا بقلبه وأما ما هو متعارف من الفراسة بأدلة وتجاريب وخلق وأخلاق وفيه مصنفات فلا ثقة به وإنما هي ظنون لا تغني من الحق شيئا وسر ذلك أن الجزاء من جنس العمل فمن غض بصره عما حرم عليه عوض من جنسه ما هو خير منه فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرته وقلبه فيرى به ما لم يره من أطلق بصره وهذا كالمحسوس
(ك عن عروة) بضم أوله ابن الزبير (مرسلا) أرسل عن عائشة

الصفحة 514