كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

2478 - (إن من أعظم الفرى) بوزن الشرى أي أكذب الكذبات الشنيعة إذ الفرية الكذبة العظيمة وجمعه فرى كمرية ومرى مقصور وممدود (أن يرى) بضم التحتية أوله فكسر من الإراءة (الرجل عينيه) بالتثنية منصوب بالياء مفعول (في المنام ما لم تريا) أي يدعي أن عينيه رأتا في النوم شيئا ما رأتاه فيقول رأيت في منامي كذا وهو يكذب لأن ما يراه النائم إنما يراه بإراءة الملك والكذب عليه كذب على الله وذكر العين وإن كانت رؤياه بنفسه لا بجارحة لأنه إنما يرى في النوم ما تخيله بالجارحة يقظة ويسمع بجارحة الأذن وغير ذلك من الجوارح لكونها هي الطرق المألوفة في اليقظة في إيصال المحسوس إلى النفس وإلا فالعين لا ترى في النوم بل النفس هي الباصرة السامعة
(حم عن ابن عمر) ابن الخطاب قال الهيثمي فيه أبو عثمان بن العباس بن الفضل البصري وهو متروك وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وهو ذهول فقد خرجه البخاري في الصحيح باللفظ المزبور عن ابن عمر المذكور بلفظ إن من أفرى إلخ وفي رواية له بإسقاط من
2479 - (إن من أفرى الفرى) بكسر الفاء مقصورة وممدودة أي من أعظم الكذبات (أن يدعي الرجل) بتشديد الدال ينتسب (إلى غير أبيه) فيقال ابن فلان وهو ليس بابنه (أو يري عينه ما لم تر) بالإفراد في عينه ويرى بالضم أوله وكسر ثانيه من أرى أي ينسب الرؤية إلى عينه تارة يقول: رأيت في منامي كذا ولا يكون رآه لأنه جزء من الوحي فالمخبر عنه بما لم يقع كالمخبر عن الله بما لم يلقه إليه (1) قال الطيبي: المراد بإراءته عينه وصفها بما ليس فيها ونسب الكذب إلى الكذبات المبالغة نحو ليل أليل (أو يقول) بفتح التحتية أوله وضم القاف وسكون الواو وروي بفتح المثناة والقاف وشد الواو مفتوحة (على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل) وجمع الثلاثة في خبر لشدة المناسبة بينها -[535]- وأنها من أفحش أنواع الافتراء فالكذب على المصطفى صلى الله عليه وسلم كذب في أصول الدين وهدم لقاعدة من قواعد المسلمين والكذب عليه كذب على الله وما ينطق عن الهوى والرؤيا جزء من أجزاء النبوة والمنام طرف من الوحي فإذا كذب فقد كذب في نوع الوحي ومن ادعى لغير أبيه فقد استهزأ بنص القرآن ويكفي في ذلك لعن امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم
(خ عن واثلة) ابن الأسقع وغيره
_________
(1) وإنما اشتد فيه الوعيد مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ قد يكون شهادة في قتل أو حد أو أخذ مال لأن الكذب على المنام كذب على الله أنه أراه ما لم يره والكذب على الله أشد من الكذب على المخلوقين فقوله تعالى {ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم} الآية وإنما كان الكذب في المنام كذبا على الله لحديث الرؤيا جزء من النبوة وما كان من النبوة فهو من قبل الله تعالى

الصفحة 534