كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

2486 - (إن من تمام إيمان العبد أن يستثنى) في كل حديثه أي يعقب كل حديث يمكن تعليقه بقوله إن شاء الله لتحققه أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} فيندب ذلك ندبا مؤكدا هذا ما جرى عليه محققون في تقرير هذا الحديث وذهب الجوزقاني إلى الأخذ بعموم مفهومه فقال: الاستثناء في الإيمان سنة فمن قال إنه مؤمن فليقل إن شاء الله وذا ليس استثناء شك بل عواقب المؤمنين مغيبة عنهم ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
(طس عن أبي هريرة) حكم ابن الجوزي بوضعه وقال فيه معارك بن عباد متروك منكر الحديث قال المصنف وفيه نظر انتهى ولم يوجهه بشيء وفي الميزان معارك قال البخاري وغيره منكر الحديث ضعفه وشيخه واه ثم ساق من مناكيره هذا الخبر ثم قال وهذا حديث باطل قد يحتج به الأزارقة الذين لو قيل لأحدهم أنت مسيلمة الكذاب لقال إن شاء الله انتهى وذكر الحافظ في اللسان مثله وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني فيه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد وهو ضعيف
2487 - (إن من تمام الصلاة) أي مكملاتها يقال تم الشيء يتم تكملت أجزاؤه وتم الشهر كملت أيامه ثلاثين فهو تام ويعدى بالعمزة والتضعيف فيقال أتممته وتممته والاسم التمام بالفتح وقد يكسر يقال ولد الولد لتمام الحمل بالفتح والكسر وألقت المرأة الولد لغير تمام بالوجهين (إقامة الصف) يعني تسويته وتعديله عند إرادة الدخول في الصلاة فهو سنة مؤكدة ينبغي المحافظة عليها <تنبيه> قال العارف ابن عربي: التراص في الصف أن لا يكون بين الإنسان والذي يليه خلل من أول الصف إلى آخره وذلك لأن الشياطين تسد ذلك الخلل بأنفسها وهم في محل القرب منه تعالى فينبغي كونهم متلاصقين بحيث لا يبقى بينهم خلل يؤدي إلى بعد كل من صاحبه وإذا ألزقت المناكب بعضها ببعض انسد الخلل ولم يجد الشيطان الذي هو محل البعد عن الله سبيلا للدخول وإنما يدخل الشياطين الضعفاء لعله يرى من شمول الرحمة التي يعطيها الله للمصلين فدخولهم في تلك الفرج لينالهم منها شيء بحكم المجاورة وهؤلاء ليسوا الشياطين الذين يوسوسون في الصلاة فأولئك محلهم القلوب
(حم عن جابر) رضي الله تعالى عنه قال الهيثمي فيه عبد الله بن محمد ابن عقيل اختلف في الاحتجاج به
2488 - (إن من تمام الحج أن تحرم) أي تنوي الدخول في النسك من حج أو عمرة أو قران (من دويرة أهلك) يعني من بلدك أو وطنك وهذا قاله لمن قال له ما معنى قوله تعالى {وأتموا الحج} وأخذ بقضية هذا جمع قالوا: الأفضل لمن فوق الميقات أن يحرم من دويرة أهله لأنه أكثر عملا وقد فعله جمع ما بين صحابي وتابعي وعكس آخرون ففضلوا الإحرام من الميقات لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أخر احرامه من المدينة إلى الحليفة في حجة الوداع وكذا في عمرة الحديبية رواه البخاري
(عد هب عن أبي هريرة) ثم قال البيهقي في الشعب نفرد به جابر -[538]- بن نوح وهذا إنما يعرف عن علي موقوفا وقال في السنن هذا فيه نظر. اه. قال الذهبي في المهذب: قلت سنده واه وأقول لم يبين علته وذلك أن فيه جابر بن نوح المذكور قال ابن حبان وغيره لا يحتج به وقال أبو داود ما أنكر حديثه وساق في الميزان هذا الحديث بما أنكر عليه

الصفحة 537