2498 - (إن من معادن التقوى) أي أصولها (تعلمك إلى ما قد علمت علم ما لم تعلم) ولا تقنع بما علمت فإن القناعة فيه زهد والزهد فيه ترك والترك له جهل وللعلوم أوائل تؤدي إلى آخرها ومداخل تفضي إلى حقائقها وللحقائق مراتب فمن أصول التقوى الترقي في تعلمها فإذا أدرك الأوائل والمداخل لا يظن أنه قد حاز من العلم جمهوره وأدرك منه مشهوره وأنه لم يبق منه إلا غامضا طلبه عناء بل يقرأ مما أدرك فلا ينبغي تركه لاستصعابه فإنه مطية المتوكىء وعذر المقصرين والعلم كله صعب على من جهله سهل على من علمه والمعاني شوارد تضل بالإغفال والعلوم وحشية تنفر بالإرسال فإذا حفظها بعد الفهم أنست وإذا ذكرها بعد الأنس رست قال بعضهم من أكثر المذاكرة بالعلم لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم وحق على من طلب المعالي تحمل تعب الطلب والدرس ليدرك راحة العلم وتنتفي عنه معرة الجهل وبقدر الرغبة يكون الطلب وبحسب الراحة يكون التعب وقيل مطية الراحة قلة الاستراحة فإن كلت النفس يوما تركها ترك راحة ثم عاودها بعد استراحة فإن إجابتها تسرع وطاعتها ترجع قال عيسى عليه السلام يا صاحب العلم تعلم ما جهلت وعلم الجهال ما علمت قال الحكماء عليك بالإكثار من العلم فإن قليله أشبه بقليل الخير وكثيره أشبه شيء بكثيره (والنقص فيما علمت قلة الزيادة فيه) أي وقلة زيادة العلم نقص له لأن الإنسان معرض للنسيان الحادث عن غفلة التقصير وإهمال التواني فإذا لم يزد فيه نقص بسبب ذلك فعلى الطالب أن يذكر ذلك بإدامة الطلب قال الحكماء: لا تخل قلبك من المذاكرة فيعود عقيما ولا تعف طبعك عن المناظرة فيعود سقيما ومتى أهمل سياسة نفسه بازديادها من العلوم وأغفل رياضتها بتدرجها في الفهوم فقد عرض ما حصله للضياع (وإنما يزهد الرجل) أي الإنسان وذكر الرجل غالبي (في علم ما لم يعلم قلة الانتفاع بما قد علم) إذ لو انتفع به لحلا له العكوف عليه وصرف نفائس أوقاته إليه وفي منثور الحكم لم ينتفع بعلمه من ترك العمل به قال الحكماء: ومن تمام العلم استعماله ومن تمام العمل استقلاله فمن استعمل علمه لم يخل من رشاد ومن استقل عمله لم يقصر عن مراد قال أبو تمام:
ولم يحمدوا من عالم غير عامل. . . حلالا ولا من عامل غير عالم
رأوا طرقات المجد عوجا فظيعة. . . وأفظع عجز عندهم عجز حازم
(خط عن جابر) وفيه ابن معاذ قال في الميزان قال ابن معين ليس بشيء وقال البخاري منكر الحديث وقال ابن أبي شيبية متروك وقال ابن حبان يروي الموضوعات وأورد له هذا الخبر وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال لا يصح والمتهم به أي بوضعه ياسين الزيات ورواه الطبراني في الأوسط قال الهيثمي وفيه ياسين الزيات وهو منكر الحديث
2499 - (إن من موجبات المغفرة) أي من أسباب ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها (بذل السلام) أي إفشاؤه بين الناس على كل من لقيته عرفته أم لا سيما الفقراء والمساكين (وحسن الكلام) أي إلانة القول للإخوان واستعطافهم على منهج المداراة لا على طريق المداهنة والبهتان
(طب عن هانئ) بفتح الهاء وكسر النون وبمثناة تحت (ابن يزيد) ابن أبي شريح الأنصاري الأوسي المدني شهد بدرا وجميع المشاهد روى له البخاري حديثا واحد قال قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة فذكره قال الهيثمي فيه أبو عبيدة بن عبد الله الأشجعي روى عنه أحمد ولم يضعفه أحمد وبقية رجاله رجال الصحيح انتهى وهو ذهول فإن الأشجعي هذا من رجال الصحيحين وقال الحافظ العراقي: رواه ابن أبي شيبة والطبراني والخرائطي والبهيقي من حديث هانئ بن يزيد بإسناد جيد انتهى
2500 - (إن من موجبات المغفرة) للذنوب من علام الغيوب (ادخالك) وفي رواية ادخال (السرور) أي الفرح والبشر (على أخيك المسلم) وفي رواية المؤمن أي بنحو بشارة بإحسان أو اتحاف بهدية أو تفريج كرب عن نحو معسر أو انقاذ محترم من ضرر ونحو ذلك وذلك لأن الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله ومن أحبه الله غفر له
(طب) وكذا في الأوسط من حديث عبد الله بن حسن عن أبيه (عن) جده (الحسين) احدى الريحانتين (بن علي) أمير المؤمنين وضعفه المنذري وقال الهيثمي فيه جهم بن عثمان وهو ضعيف وقال ابن حجر: جهم بن عثمان فيه جهالة وبعضهم تكلم فيه وعبد الله هذا من أئمة أهل البيت وعبادهم تابعي روى عن عبد الله بن جعفر وكبار التابعين وعنه مالك والزهري وأثنى عليه الكبار
2501 - (إن من نعمة الله على عبده أن يشبهه ولده) أي خلقا وخلقا أما الأول فلئلا يستريب أحد في نسبه إذا لم يشبهه فيه وأما الثاني فلأنه إذا تغايرت الطباع وقع التنافر والتشاجر المؤدي إلى العقوق والتقصير في الحقوق وجهد كل منهما في نقل صاحبه عن طباعه وتأبى الطباع على الناقل فأعظم بالتشابه من نعمة الناس عنهما غافلون وما يجحد بها إلا الجاهلون قال الحكماء: الولد الشين يشين السلف ويهدم الشرف والجار السوء يفشي السر ويهتك الستر والسلطان الجائر يخيف البريء ويصطنع الدنيء والبلد السوء يجمع السفل ويورث العلل
(الشيرازي في) كتاب (الألقاب) له (عن إبراهيم) ابن يزيد النخعي بفتح النون والمعجمة ثم مهملة الفقيه إمام أهل الكوفة المجمع على جلالته علما وعملا وكان عجبا في الورع متوقيا للشبه حمل عنه العلم وهو ابن ثمان عشرة سنة ولما مات قال الشعبي: ما ترك أحد أعلم منه قالوا ولا الحسن قال ولا الحسن ولا ابن سيرين ولا أهل البصرة والحجاز أجمعين مات سنة ست وتسعين عن ست وأربعين (مرسلا) أرسل عن خاله الأسود وعلقمة رأى عائشة رضي الله تعالى عنها
2502 - (إن من هوان الدنيا) أي احتقارها (على الله أن يحيى) من الحياة سمي به لأن الله أحيا قلبه فلم يذنب ولم يهم وفي خبر ما من آدمي إلا قد أخطأ أو هم بخطيئة إلا يحيى (ابن زكريا) النبي ابن النبي عليهما أفضل الصلاة والسلام قتلته امرأة) بغي من بغايا بني إسرائيل ذبحته بيدها ذبحا أو ذبح لرضاها وأهدى رأسه إليها في طست من ذهب كما في الربيع وفي المستدرك عن ابن الزبير من أنكر البلاء فإني لا أنكره لقد ذكر أن قتل يحيى بن زكريا عليهما السلام في زانية وفي البيهقي عن ابن عباس قصة قتله أن بنت أخ للملك سألته ذبحه فذبحه حين حرم نكاح بنت الأخ وكانت -[543]- تعجب الملك ويريد نكاحها اه. وكما أن ذلك من هوان الدنيا على الله وهو تحفة ليحيى عليه السلام وإذا أراد الله تعالى أن يتحف عبدا سلط عليه من يظلمه ثم يرزقه التسليم والرضى فيكتب في ديوان الراضين حتى يستوجب غدا الرضوان الأكبر والفردوس الأعظم الأفخر قال الزمخشري: وهذا تسلية عظيمة لفاضل يرى الناقص الفاجر يظفر من الدنيا بالحظ الأسنى والعيش الأهنئ كما أصابت تلك الفاجرة تلك الهدية العظيمة الفاخرة
(هب عن أبي) بن كعب وقضية كلام المصنف أن البهيقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه هذا إسناد ضعيف