كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)
2572 - (إنما أهلك) في رواية هلك (الذين من قبلكم) من بني إسرائيل (أنهم كانوا) بفتح الهمزة فاعل أهلك (إذا سرق فيهم الشريف) أي الإنسان العالي المنزلة الرفيع الدرجة (تركوه) يعني لم يحدوه (وإذا سرق فيهم الضعيف) أي الوضيع الذي لا عشيرة له ولا منعة (أقاموا عليه الحد) أي قطعوه قال في المطامح: وهذا جار في عصرنا فلا قوة إلا بالله وهذه مداهنة في حدود الله وتبعيض فيما أمر بنفي التبعيض فيه قال ابن تيمية: قد حذرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم عن مشابهة من قبلنا في أنهم كانوا يفرقون في الحدود بين الأشراف والضعفاء وأمر أن يسوى بين الناس في ذلك وإن كان كثير من ذوي الرأي والسياسة قد يظن أن إعفاء الرؤساء أجود في السياسة واعلم أن الحصر قد أشكل على كثير لأن الأمم السالفة كان فيهم أشياء كثيرة تقتضي الهلاك غير المحاباة في الحدود وأجيب إما بمنع اقتضائه الحصر أو بأن المحصور هلاك خاص باعتبار خاص على حد {إنما أنت نذير} وهو نذير وبشير قال ابن عرفة: ويدخل تحت هذا الذم كل من أولى الأمر أو الخطبة غير أهلها وغير ذلك من المحاباة في أحكام الدين وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند الشيخين وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها انتهى بنصه
(حم ق 4 عن عائشة) قالت إن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فكلموا أسامة فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتشفع في حد من حدود الله ثم خطب فذكره ثم قال وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها
2573 - (إنما بعثت فاتحا خاتما) أي للأنبياء أو للنبوة قال ابن عطاء الله ما زال فلك النبوة دائرا إلى أن عاد الأمر من حيث بدأ وختم بمن له كمال الاصطفاء فهو الفاتح الخاتم نور الأنوار وسر الأسرار والمبجل في هذه الدار أعلى المخلوقات منارا وأتمهم فخارا (وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه) القرآن أو كل ما يتوصل به إلى استخراج المغلقات التي يتعذر الوصول إليها (واختصر لي الحديث اختصارا فلا يهلكنكم المتهوكون) أي الذين يقعون في الأمور بغير روية قال الحرالي: وإنما بعث كذلك لأنه بعث بالقرآن المنزل عند انتهاء الخلق وكمال الأمر بدءا فكان التخلق جامعا لانتهاء كل خلق خلق وكمال كل أمر فلذلك كان المصطفى صلى الله عليه وسلم الفاتح الخاتم الجامع الكامل وكان كتابه خاتما فاستوفى صلاح هذه الجوامع الثلاث التي جلت في الأولين بداياتها وتمت عنده غاياتها
(هب عن أبي قلابة) بكسر القاف وفتح اللام بموحدة واسمه عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء البصري أحد الأئمة التابعين ونزيل الشام (مرسلا) أرسل عن عمر وأبي هريرة وعائشة وغيرهم وهو كثير الإرسال
2574 - (إنما الدين) أي الملة وهو دين الإسلام أي عماده وقوامه ومعظمه كالحج عرفة فالحصر مجازي بل ادعى جمع أنه حقيقي لما سيجيء في معنى النصح وأنه لم يبق من الدين شيئا (النصح) هو لغة الإخلاص والتصفية وشرعا إخلاص الرأي من الغش للنصوح وإيثار مصلحته ومن ثم كانت هذه الكلمة مع وجازة لفظها ليس في كلامهم أجمع منها ولهذا عبر بأداة الحصر والقصر فمن -[569]- لا نصح عنده فليس عنده من الدين إلا الاسم وحقيق بالنصح أن يكون بهذه المثابة لأنه الوصف النفسي الذي لا يصدر عنها إلا وهي خالصة من النفاق عارية من الغش فدل بهذه الجملة على أن النصح يسمى دينا وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) الأصبهاني (في التوبيخ عن ابن عمر) بن الخطاب
الصفحة 568
576