كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 2)

1320 - (اقتربت الساعة) أي دنا وقت قيامها وإذا اقترب وقت ما يكون فيها من حساب وثواب وعقاب وغير ذلك ونحوه {واقترب الوعد الحق} الساعة واقترابها إقبالها إلينا في كل لحظة بتقريب الآجال ونحن نقرب منها بقطع مسافة الأعمار وإنما يدرك قربها بتكامل أنوار الإيمان ومن ضعف إيمانه بحب الدنيا قربت منه بصورتها فازداد حرصا عليها لعماه عن عاقبتها والساعة في الأصل تقال على جزء قليل من نهار أو ليل ثم استعيرت ليوم القيامة: أعني الوقت التي تقوم فيه وهي ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم ولقلته سمي ساعة (ولا تزداد منهم) يعني من الناس الحريصين على الاستكثار من الدنيا كما يفيده الخبر الآتي (إلا قربا) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة من معجم الطبراني والحلية إلا بعدا وكلاهما له وجه صحيح. فالمعنى على الوجه الأول أنهم كلما مر بهم زمن وهم متمادون في غفلتهم ازداد قربها منهم وعلى الثاني أنها كلما اقتربت ودنت كلما تناسوا قربها وعملوا عمل من الساعة أخذت في البعد عنه لما على قلوبهم من الأكنة والأغطية وعلى أبصارهم وبصائرهم من الأغشية بالغفلة مع الإعراض على معنى أنهم غافلون عن حسابهم ساهون عنه لا يتفكرون في عاقبتهم ولا يفطنون لما يرجع إليه خاتمة أمرهم مع اقتضاء عقولهم أن الجزاء كائن للمحسن والمسيء وإذا قرعت لهم العصا ونبهوا من سنة الغفلة وفطنوا لذلك بما يتلى عليهم من الآيات والنذر أعرضوا وسدوا أسماعهم وما تزيدهم فنون الموعظة التي أحق الحق وأحد الحد إلا لهوا ولعبا وشحا وحرصا وتناسيا للساعة كأنها ولت عنهم دبارا وتناءت عنهم فرارا
(طب عن ابن مسعود) قال المنذري: رواته يحتج بهم في الصحيح وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح. اه. وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه قصور أو تقصير وإنما كان حقه الرمز لصحته
1321 - (اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا) شحا وإمساكا لعماهم عن عاقبتها (ولا يزدادون من الله إلا بعدا) أي من رحمته لأن الدنيا مبعدة عن الآخرة لأنه يكرهها ولم ينظر إليها منذ خلقها والبخيل مبغوض إلى الله مبعود عنه لا يقال كيف وصف الساعة بالاقتراب وقد عددون هذا القول أكثر من ألف عام لأنا نقول هي مقتربة عند الله {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} ولأن كل آت آت وإن طالت أوقات استقباله وترقبه قريب ولأن ما بقي من الدنيا أقل مما سلف منها بدليل انبعاث خاتم النبيين الموعود ببعثه آخر الزمان. وبالجملة فهذه الأخبار الشافية الكافية مسوقة للبيان أنه لابد من طي البساط ورفع السماط وتبديل الأرض في الطول والعرض وتخريب العامر وتحريك الزاهر وشق الأثواب وطرق الأبواب وسفك الدماء وهتك النساء وشقاق العلماء وخلاف الأمراء أو قيام السيف في الشتاء والصيف وسوء الحال ورفض المال وارتفاع الصبيان ثم الصلبان وسقوط الفرسان وهبوط العربان لنفوذ القضاء والقدر كما جاء في الخبر: إذا نزل القضاء عمي البصر
(ك) في الرقائق (عن ابن مسعود) وقال -[58]- صحيح وشنع عليه الذهبي بأنه خبر منكر وفيه بشير بن زاذان ضعفه الدارقطني وأبهمه ابن الجوزي. فأنى له الصحة؟

الصفحة 57