كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 3)

2899 - (إياكم ومشارة الناس) في رواية مشارة بفك الإدغام مفاعلة من الشر أي لا تفعل بهم شرا تحوجهم إلى أن يفعلوا بك مثله (فإنها تدفن الغرة) بغين معجمة مضمومة وراء مشددة الحسن والعمل الصالح شبهه بغرة الفرس وكل شيء ترتفع قيمته فهو غرة (وتظهر العرة) بعين مهملة مضمومة وراء مشددة وهي القذر استعير للعيب والدنس ورأيت بخط الحافظ ابن حجر في اللسان العورة بدل العرة قال رجل للأعمش: كنت مع رجل فوقع فيك فههمت به فقال: لعل الذي غضبت له لو سمعه لم يقل شيئا وقيل لبعضهم: فلان يبغضك قال: ليس في قربه أنس ولا في بعده وحشة وقال مالك لمطرف: ما تقول في الناس قال: الصديق يثني والعدو يقع قال: وما زال الناس هكذا عدو وصديق لكن نعوذ بالله من تتابع الألسنة كلها
(هب عن أبي هريرة) ظاهره أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه تفرد به الوليد بن سلمة الأردني وله من مثال هذا أفراد لم يتابع عليها اه والوليد هذا أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال: تركه الدارقطني ورواه الطبراني أيضا قال الهيثمي: ورجاله ثقات إلا أن شيخ الطبراني محمد بن الحسن بن هديم لم أعرفه
2900 - (إياكم والجلوس) أي احذروا ندبا القعود (على) في رواية في (الطرقات) يعني الشوارع المسلوكة وفي رواية الصعدات بضمتين وهي كالطرقات وزنا ومعنى وذلك لأن الجالس بها قلما سلم من رؤية ما يكره أو سماع ما لا يحل والاطلاع على العورات ومعاينة المنكرات وغير ذلك مما قد يضعف القاعد عليها عن إزالته فقالوا: ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال: (فإن) وفي رواية فإذا (أبيتم) من الإباء (إلا) بالتشديد (المجالس) بفتح الميم مصدر ميمي أي إن امتنعتم إلا عن الجلوس في الطريق كأن دعت حاجة فعبر عن الجلوس بالمجالس وفي رواية فإن أتيتم إلى المجالس بالمثناة وبإلى التي للغاية (فأعطوا) بهمزة قطع (الطريق حقها) أي وفوها حقوقها الموظفة على الجالس فيها قالوا: يا رسول الله وما حق الطريق قال: (غض) وفي رواية لأحمد غضوض قال أبو البقاء: جمع غض وجاز أن يجمع المصدر هنا لتعدد فاعليه ولاختلافه قال: ويجوز أن يكون واحدا كالقعود والجلوس (البصر) أي كفه عن النظر إلى المحرم (وكف الأذى) أي الامتناع مما يؤذي المارة من نحو إزراء وغيبة (ورد السلام) على المسلم من المارة إكراما له (والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وإن ظن أن ذلك لا يفيد أي ونحو ذلك كإغاثة ملهوف وتشميت عاطس وإفشاء سلام وغير ذلك من كل ما ندبه الشرع من المحسنات ونهى عنه من المقبحات وزاد أبو داود وإرشاد السبيل والطبراني وإغاثة الملهوف والنهي للتنزيه لئلا يضعف الجالس عن أداء هذه الحقوق واحتج به من قال إن سد الذرائع أولوي لا لزومي لأنه أولا نهى -[122]- عن الجلوس حسما للمادة فلما قالوا لا بد لنا منه فسح لهم فيه بشرط أن يعطوا الطريق حقها
(حم د ق عن أبي سعيد) الخدري قال الديلمي: وفي الباب أبو هريرة وغيره

الصفحة 121