كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 3)

2927 - (إياكم والطمع) الذي هو انبعاث هوى النفس إلى ما في أيدي الناس (فإنه هو الفقر الحاضر) والحر عبد إن طمع والعبد حر إن قنع وقد قال علي كرم الله وجهه في قوله تعالى {فلنحيينه حياة طيبة} إنها القناعة وقال حكيم: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع وقال بشر: لو لم يكن في القنوع إلا التمتع بالعز لكفى وقال الشافعي: من غلبت عليه شهوة الدنيا لزمته العبودية لأهلها ومن رضي بالقنوع زال عنه الخضوع وقال العارف المرسي رضي الله عنه: أردت أن أشتري شيئا ممن يعرفني وقلت: لعله يحابيني فنوديت السلامة في الدين بترك الطمع في المخلوقين وقال: الطمع ثلاثة أحرف كلها مجوفة فهو بطن كله فلذا صاحبه لا يشبع أبدا (وإياكم وما يعتذر منه) أي قوا أنفسكم الكلام فيما يحوج إلى الاعتذار كما سبق. (تتمة) قال بعض العارفين: الطمع طمعان طمع يوجب الذل لله وهو إظهار الإفتقار وغايته العجز والإنكسار وغايته الشرف والعز والسعادة الأبدية وطمع يوجب الذل في الدارين أي وهو المراد هنا وهو رأس حب الدنيا وحب الدنيا رأس كل خطيئة والخطيئة ذل وخزي وحقيقة الطمع أن تعلق همتك وقلبك وأملك بما ليس عندك فإذا أمطرت مياه الآمال على أرض الوجود وألقي فيها بذر الطمع بسقت أغصانها بالذل ومتى طمعت في الآخرة وأنت غارق في بحر الهوى ضللت وأضللت
(طس) وكذا العسكري (عن جابر) قال الهيثمي: فيه ابن أبي حميد مجمع على ضعفه
2928 - (إياكم والكبر) فإنما أهلك إبليس الكبر قال: أنا خير منه وإنما كملت فضائل آدم عليه السلام باعترافه على نفسه (فإن الكبر يكون في الرجل) أي الإنسان (وإن عليه العباءة) من شدة الحاجة وضنك المعيشة وقلة الشيء ولا يمنعه رثاثة حاله عن النظر في عاقبته وماله وما ينبغي لمن خرج من مخرج البول مرتين أن يتكبر وقيل لحكيم: هل تعرف نعمة لا يحسد عليها قال: التواضع قيل: فهل تعرف بلاء لا يرحم صاحبه عليه قال: الكبر وقيل التواضع مع الجهل والبخل أحمد عند الحكماء من الكبر مع الأدب والسخاء وقيل في بخيل متكبر:
جمعت أمرين ضاع الحزم بينهما. . . تيه الملوك وأفعال المماليك
قيل: أست في الماء وأنف في السماء
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: رجاله ثقات
2929 - (إياكم وهاتين البقلتين المنتنتين) الثوم والبصل (أن تأكلوهما وتدخلوا مساجدنا) فإن الملائكة تتأذى بريحهما (فإن كنتم لا بد آكليهما فاقتلوهما بالنار قتلا) هذا مجاز من باب قوله يميتون الصلاة لكنه عكسه فإن إحياء الصلاة أداؤها -[133]- لوقتها وإماتتها إخراجها عنه فحياة البقلتين عبارة عن قوة ريحهما عند طراوتهما وموتهما إزالة تلك الريح الكريهة بالنضج قال النوربشتي: وألحق بهما ما له ريح كريهة من كل مأكول وألحق به عياض من به بخر أو جرح له ريح وألحق بالمسجد نحو مدرسة ومصلى عيد من مجامع العبادات والعلم والذكر والولائم لا الأسواق ونحوها ذكره القاضي قال العراقي: وهل المراد بطبخهما استعمالهما في الطعام بحيث لا يبقى عينهما أو نضجهما مع بقائهما بحالهما؟ الأقرب الثاني
(طس عن أنس) قال الهيثمي: رجاله موثقون

الصفحة 132