كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 3)

2933 - (إياكم والتعمق في الدين) أي الغلو فيه وادعاء طلب أقصى غاياته (فإن الله تعالى قد جعله سهلا فخذوا منه ما تطيقون فإن الله يحب ما دام من عمل صالح وإن كان يسيرا) أي ولا يحب العمل المتكلف غير الدائم وإن كان كثيرا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبغض المتعمقين وكان الصحب أقل الأمة تكلفا اقتداءا به ودين الله بين الغالي والجافي خير الناس النميط الأوسط الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين ولم يلحقوا بغلو المعتدين قال الحرالي: محصول الحديث أن الدين مع سهولته ويسرته شديد لن يشاده أحد إلا غلبه والأحكام مع وضوحها قد تخفى لما في تنزيل الكليات على الجزئيات من الدقة إذ الجزء الواحد قد يتجاذبه كليات فأكثر فلا يجردها من مواقع الشبه إلا من نور الله بصيرته
(أبو القاسم بن بشران في أماليه عن عمر) بن الخطاب
2934 - (إياي) فيه تحذير المتكلم نفسه وهو شاذ عند النحاة كذا قيل قال ابن حجر: ويظهر أن الشذوذ في لفظه وإلا فالمراد بالتحقيق تحذير المخاطب فكأنه حذر نفسه بالأولى ليكون أبلغ ونحو نهي المرء نفسه ومراده نهي من يخاطبه (والفرج) أي دعني من الفرج (يعني في الصلاة) والمراد اتركوا إهمالها واصرفوا همتكم إلى سدها وظاهر أن قوله يعني إلخ من كلام الراوي أو المصنف لا من الحديث فتسوية الفرج من مندوبات الصلاة المؤكدة
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: رجاله ثقات
2935 - (إياي أن تتخذوا) أي دعوني من اتخاذ (ظهور دوابكم منابر) يعني اتركوا جلوسكم عليها وهي واقفة كما تجلسون على المنابر فإن ذلك يؤذيها (فإن الله تعالى إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل -[135]- لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم) والنهي مخصوص باتخاذ ظهورها مقاعد لغير حاجة أما لحاجة لا على الدوام فجائزة بدليل أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطب على ناقته وهي واقفة
(د عن أبي هريرة) قال ابن القطان: ليس مثل هذا الحديث يصح لأن فيه أبا مريم مولى أبي هريرة ولا يعرف له حال ثم قيل هو رجل واحد وقبل رجلان وكيفما كان فحاله أو حالهما مجهولة فمثله لا يصح

الصفحة 134