3013 - (أيها الناس عليكم بالقصد) أي الزموا السداد والتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط (عليكم بالقصد) كرره للتأكيد قال الحكماء: الفضائل هيئات متوسطة بين فضيلتين كما أن الخير متوسط بين رذيلتين فما جاوز التوسط خرج عن حد الفضيلة وقال حكيم للإسكندر: أيها الملك عليك بالاعتدال في كل الأمور فإن الزيادة عيب والنقصان عجز (فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا) بفتح الميم فيهما والملال فتور يعرض للنفس من كثرة مزاولة شيء فيورث الكلال في الفعل والاعراض عنه وهذا مستحيل في حقه فإسناد الملال إليه تقدس على طريق المشاكلة من قبيل {وجزاء سيئة سيئة مثلها} أو هو محمول على غايته وهو الاعراض
(هـ ع حب عن جابر) بن عبد الله
3014 - (أيها الناس) قال ابن مالك في شرح الكافية: إذا قلت أيها الرجل فأيها والرجل كاسم واحد وأي مدعو والرجل نعت له ملازم لأن أي مبهم لا يستعمل بغير صلة إلا في الجزاء والاستفهام وها حرف تنبيه فإذا قلت يا أيها الرجل لم يصح في الرجل إلا الرفع لأنه المنادى حقيقة وأي يتوصل به إليه وإن قصد به مؤنث زيدت التاء نحو {يا أيتها النفس المطمئنة} (اتقوا الله) أي بالغوا في الخوف منه باستحضار ما له من العظمة وإظهار نواميس العدل يوم الفصل (فوالله لا يظلم مؤمن مؤمنا إلا انتقم الله تعالى) له (منه يوم القيامة) (1) الذي يظهر فيه عدله أتم الظهور ويدين فيه العباد بما فعلوا ولهذا لما سب رجل الحجاج عند الحسن فقال مه فإن الله ينتقم للحجاج كما ينتقم منه
(عبد بن حميد عن أبي سعيد) الخدري
_________
(1) حيث لم يعف عنه المظلوم ولم تحفه العناية الإلهية فيرضيه الله عنه وذكر المؤمن غالبي فمن له ذمة أو عهد أو أمان كذلك
3015 - (أيها الناس لا تعلقوا علي بواحدة) أي لا تأخذوا علي في فعل ولا قول واحد يعني لا تنسبوني فيما أشرعه وأسنه -[161]- كان وحيا إلهيا وحكما ربانيا أي ما لم يقم دليل على أن ذلك من الخصوصيات (ما أحللت إلا ما أحل الله تعالى وما حرمت إلا ما حرم الله تعالى) أي فإني مأمور في كل ما آتيه أو أذره وقد فرض الله في الوحي اتباع الرسول فمن قبل عنه فإنما قبل بفرض الله {وما آتاكم الرسول فخذوه} ومن رد فإنما رد على الله <تنبيه> قال العارف ابن عربي: لو جاز أن يجيء الكاذب بما جاء به الصادق لانقلبت الحقائق وتبدلت القدرة بالعجز ولاستند الكذب إلى حضرة العز وهذا كله محال وغاية الضلال فما ثبت للواحد الأول يثبت للثاني في جميع الوجوه والمعاني
(ابن سعد) في الطبقات (عن عائشة)