2595 --[2]- (إنما سمي القلب) قلبا (من تقلبه) فإن القلب في الأصل مشترك بين كوكب معروف والخالص واللب ومنه قلب النخل ومصدر قلبت الشيء رددته على بدئه والإناء قلبته على وجهه وقلبت الرجل عن رأيه صرفته عنه والمراد العضو الرئيس المعلق بالجانب الأيسر المثلث الشكل المحدد الرأس سمي به لسرعة الخواطر وترددها عليه كما أشار إليه بقوله (إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة) أي ملقاة بأرض واسعة عديمة البناء (تعلقت في أصل شجرة يقلبها الريح ظهرا لبطن)
وما سمي الإنسان إلا لنسيه. . . ولا القلب إلا أنه ينقلب
ومن ثم قيل: ينبغي للعاقل الحذر من تقلب قلبه فإنه ليس بين القلب والكلب إلا التفخيم قال الغزالي: القلب غرض للخواطر لا يقدر على منعها والتحفظ عنها بحال ولا هي تنقطع عنك بوقت ثم النفس متسارعة إلى اتباعه والامتناع عن ذلك في مجهود الطاعة أمر شديد ومحنة عظيمة وعلاجه عسير إذ هو غيب عنك فلا يكاد يشعر به حتى تدب فيه آفة وتحدث له حالة ولذلك قيل:
ما سمي القلب إلا من تقلبه. . . والرأي يضرب بالإنسان أطوارا
قال النظار وذوو الاعتبار: وفي الحديث رد على الصوفية في قولهم إن الطريق لا ينال بتعليم بل هو تطهير للنفس عن الصفات المذمومة أو تصفيتها ثم الاستعداد وانتظار الفتح ما ذاك إلا لأن القلب ترد عليه وساوس وخواطر تشوش القلب فيتقلب وإذا لم يتقدم رياضة النفس وتهذيبها بحقائق العلوم تشبث بالقلب خيالات فائدة تطمئن النفوس إليها مدة طويلة وربما انقضى العمر بغير نجاح
(طب عن أبي موسى) الأشعري قال العراقي: إسناده حسن وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف وهو ذهول فقد خرجه منهم بعضهم باللفظ المزبور
2596 - (إنما سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب) أي يحرقها ويذيبها لما يقع فيه من العبادة يقال رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش والرمضاء شدة الحر ورمضت قدمه احترقت من الرمضاء ورمضت الفصال إذا وجدت حر الرمضاء فاحترقت أخفافها ورمض الرجل أحرقت قدميه الرمضاء وخرج يترمض الظباء يسوقها في الرمضاء حتى تنفسخ أظلافها فيأخذها ذكره الزمخشري وغيره
(محمد بن منصور) بن عبد الجبار التميمي صاحب التصانيف في الفقه وأصوله والحديث وغير ذلك الإمام في ذلك (السمعاني) بفتح السين وسكون الميم نسبة إلى سمعان بطن من تميم (وأبو زكريا يحيى بن منده في أماليهما عن أنس) ورواه أبو الشيخ [ابن حبان] أيضا
2597 - (إنما سمي شعبان لأنه يتشعب) أي يتفرع (فيه خير كثير للصائم) أي لصائمه (حتى يدخل الجنة) يعني -[3]- يكون صومه وما تفرع عليه سببا لادخاله الجنة مع السابقين الأولين أو بغير عذاب أو نحو ذلك والمقصود به بيان فضل صوم شعبان وعظم قدر الشهر
(الرافعي) إمام الشافعية (في تاريخه) تاريخ قزوين (عن أنس) ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] بلفظ تدرون لم سمي شعبان والباقي سواء