كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 4)

4368 --[2]- (رأس العقل المداراة) قال ابن الأثير: غير مهموز ملاينة الناس وحسن صحتهم واحتمالهم لئلا ينفروا عنك أو يؤذوك وقد يهمز ومن ثم قيل: اتق معاداة الرجال فإنك لا تعدم مكر حليم أو مفاجأة لئيم وينبغي الاعتناء بمداراة العدو أكثر فقد قيل:
ألقى العدو بوجه لا قطوب به. . . يكاد يقطر من ماء البشاشات
فأحزم الناس من يلقى أعاديه. . . في جسم حقد وثوب من مسرات
قال الماوردي: لكن ينبغي مع تألفه أن لا يكون له راكنا وبه واثقا بل يكون منه على حذر ومن مكره على تحرز فإن العداوة إذا استحكمت في الطباع صارت طبعا لا يستحيل وجبلة لا تزول وإنما يستكف بالتأليف إظهارها ويستدفع به إضرارها كالنار يستدفع بالماء إحراقها وإن كانت محرقة بطبع لا يزول وجوهر لا يبيد (وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) قال ابن الأثير: روي عن ابن عباس في معناه يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة لهم معروفهم وتبقى حسناتهم جامعة فيعطونها فإن زادت سيئاته على حسناته فيغفر له ويدخله الجنة فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة وفيه أن المداراة محثوث عليها أي ما لم تؤد إلى ثلم دين وإزراء بمروءة كما في الكشاف
(هب عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه: وصله منكر وإنما يروى منقطعا اه وفيه محمد بن الصباح أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مجهول وحميد بن الربيع فإن كان هو الخراز فقد قال ابن عدي: يسرق الحديث أو السمرقندي فمجهول وعلي بن زيد بن جذعان ضعفوه
4369 - (رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس) مع حفظ الدين قال الغزالي: فعلى من ابتلى بمخالطة الناس مداراتهم ما أمكن ويقطع الطمع عن مالهم وجاههم ومعونتهم فإن الطامع خائب غالبا وإذا سألت واحدا حاجة فقضاها فاشكر الله عليها وإن قصر فلا تعاتبه ولا تشكه فتصير عداوة وكن كالمؤمن يطلب المعاذير ولا تكن كالمنافق تطلب العيوب وقل لعله قصر لعذر لم أطلع عليه وإذا أخطأوا في مسألة وكانوا يأنفون من التعلم فلا تعلمهم فإنهم يستفيدون منك علما ويصبحون لك أعداء إلا أن تعلق بإثم يفارقونه عن جهل فاذكر الحق بلطف بغير عنف ولا تعاتبهم ولا تقل لهم لم لم تعرفوا حقي وأنا فلان بن فلان وأنا الفاضل في العلوم فإن أشد الناس حماقة من يزكي نفسه (وما يستغني رجل عن مشورة) فإن من اكتفى برأسه ضل ومن استغنى بعقله ذل ومن ثم قال حكيم: المشورة باب رحمة ومفتاح بركة لا يضل معها رأي ولا يفقد معها حزم وقال بعض الحكماء: الخطأ مع الاسترشاد أجمل من الصواب مع الاستبداد (وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة) فإن الدنيا مزرعة الآخرة وأحكام الآخرة مترتبة على أحكامها كما سبق <تنبيه> قال ابن عربي: الناس أحوالهم بعد موتهم على قدر ما كانوا عليه في الدنيا للتفرغ لأمر ما معين أو مختلف على قدر ما تحققوا به وهم في الآخرة على قدر أحوالهم في الدنيا فمن كان في الدنيا عبدا محضا كان في الآخرة بقدر ما استوفاه في الدنيا فلا أعز في الآخرة ممن بلغ في الدنيا -[3]- غاية الذل في جناب الحق ولا أذل في الآخرة ممن بلغ في الدنيا عزا في نفسه وإما أن يكون في ظاهر الأمر ملكا أو غيره فلا يبالي في أي مقام وفي أي حال أقام عنده في ظاهره إنما المعتبر حاله في نفسه ذكر القشيري أن رجلا دفن رجلا ونزع الكفن عن خده ووضعه على التراب فقال له الميت: يا هذا أتذلني بين يدي من أعزني ورأيت أنا مثل ذلك أن صاحبي الحسن هاب غاسله أن يغسله ففتح عينه في المغسل وقال له: اغسل فلا فرق بين الحياة والموت <فائدة> أخرج العسكري عن سفيان بن عيينة قال: ما من حديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم صحيح إلا وأصله في القرآن فقيل: يا أبا محمد قوله رأس العقل بعد الإيمان المداراة أين المداراة في القرآن قال: قوله تعالى {واهجرهم هجرا جميلا} فهل الهجر الجميل إلا المداراة ومن ذلك {ادفع بالتي هي أحسن} {وقولوا للناس حسنا} {ولمن صبر وغفر} وغير ذلك
(هب عن سعيد بن المسيب مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الإرسال والأمر بخلافه فقد قال الذهبي في المهذب: مرسل وضعيف وقال ابن الجوزي: متن منكر وأقول فيه محمد بن عمرو وأبو جعفر قال الذهبي: مجهول ويحيى بن جعفر أورده الذهبي في ذيل الضعفاء والمتروكين وقال: مجهول وزيد بن الحباب قال في الكاشف: لم يكن به بأس وقد يتهم والأشعث بن نزار ضعفوه وعلي بن زيد بن جذعان قال أحمد وغيره: ليس بشيء وبه يعرف أن إسناده عدم مع كونه مرسلا

الصفحة 2