كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 4)
4488 - (ريح الولد من ريح الجنة) يحتمل أن ذلك في ولده خاصة فاطمة وابنيها لأن في ولدها طعم ثمار الجنة بدليل خبر الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة ومنه قيل لعلي أبو الريحانتين ويحتمل أن المراد كل ولد صالح للمؤمن لأنه تعالى خلق آدم في الجنة وغشى حواء فيها وولد له فيها فبنو آدم من نسلها ولهذا قال ابن أدهم: نحن من أهل الجنة سبانا إبليس بالخطيئة فهل للأسير من راحة إلا أن يرجع إلى ما سبي منه؟ فريح الولد من ريح الجنة لأنه أقرب إليها من أبيه ولم يتدنس بعد بالخطايا والمراد أن الولد كسب الرجل والكسب الطيب والعمل الصالح مقدمة الجنة وهو الزاد إليها (نكتة) قيل لحكيم: أي الريح أطيب قال: ريح ولد أربه وبدن أحبه
(طس) وكذا في الصغير (عن ابن عباس) قال الهيثمي: رواه عن شيخه محمد بن عثمان بن سعيد وهو ضعيف وقال شيخه الزين العراقي: رواه الطبراني في الأوسط والصغير وابن حبان في الضعفاء عن ابن عباس وفيه مندل بن علي ضعيف اه. وأقول: رواه أيضا البيهقي في الشعب وفيه مندل المذكور
فصل في المحلى بأل من هذا الحرف. [أي حرف الراء]
4489 - (الراحمون) لمن في الأرض من آدمي وحيوان لم يؤمر بقتله بالشفقة والإحسان والمؤاساة والشفاعة وكف الظلم ثم بالتوجع والتوجه إلى الله والالتجاء إليه والدعاء بإصلاح الحال ولكل مقام مقال (يرحمهم) خالقهم (الرحمن) وفي رواية للزعفراني ذكرها الحافظ العراقي في أماليه الرحيم بدل الرحمن (تبارك وتعالى) أي يحسن إليهم ويتفضل عليهم (1) فإطلاق الرحمة عليه باعتبار لازمها لتنزهه عما يتعلق بالجوارح قيل: وذا أول حديث روي مسلسلا (ارحموا من في الأرض) أي من تستطيعون رحمته من المخلوقات برحمتكم المتجددة الحادثة (يرحمكم من في السماء) أي من رحمته عامة لأهل السماء الذين هم أكثر وأعظم من أهل الأرض أو المراد أهل السماء كما يشير إليه رواية أهل السماء قال العارف البوني: فإن كان لك شوق إلى رحمة من الله فكن رحيما لنفسك ولغيرك ولا تستبد بخيرك فارحم الجاهل بعلمك والذليل بجاهك والفقير بمالك والكبير والصغير بشفقتك ورأفتك والعصاة بدعوتك والبهائم بعطفك ورفع غضبك فأقرب الناس من رحمة الله أرحمهم لخلقه فكل ما يفعله من خير دق أو جل فهو صادر عن صفة الرحمة وقال ابن عربي: قد أمر الراحم أن يبدأ بنفسه فيرحمها فمن رحمها سلك بها سبيل هداها وحال بينها وبين هواها فإنه رحم أقرب جار إليه ورحم صورة خلقها الله على صورته فجمع بين الحسنيين ولذلك أمر الداعي أن يبدأ بنفسه في الدعاء اه. (تتمة) أنشدنا والدي الشيخ تاج العارفين وهو أول شعر سمعته منه قال: أنشدنا الشيخ الصالح معاذ وهو أول شعر سمعته منه قال: أنشدنا بقية المجتهدين شيخ الإسلام يحيى المناوي وهو أول شعر سمعناه منه قال: أنشدنا الحافظ المحقق ولي الدين -[43]- العراقي وهو أول شعر سمعته منه قال: أنشدنا أبو محمد عبد الوهاب السكندري وهو أول شعر سمعته منه قال: أنشدنا محمد بن محمد الواسطي وهو أول شعر سمعته منه قال: أنشدنا أبو المظفر سليم الحافظ وهو أول شعر سمعته منه قال: أنشدنا أبو محمد عبد العزيز الدمشقي وهو أول شعر سمعته منه قال: أنشدنا الإمام الحافظ أبو القاسم علي بن هبة الله ابن عساكر وهو أول شعر سمعته منه:
بادر إلى الخير ياذا اللب مغتنما. . . ولا تكن من قليل الخير محتشما
واشكر لمولاك ما أولاك من نعم. . . فالشكر يستوجب الإفضال والكرما
وارحم بقلبك خلق الله وارعهم. . . فإنما يرحم الرحمن من رحما
<تنبيه> قال العلامة أقضى القضاة الجويني في ينابيع العلوم: حكمة إتيانه بالراحمين جمع راحم دون الرحماء جمع رحيم وإن كان غالب ما ورد من الرحمة استعمال الرحيم لا الراحم أن الرحيم صيغة مبالغة فلو عبر بجمعها اقتضاء الاقتصار عليه فعبر بجمع راحم إشارة إلى أن العباد منهم من قلت رحمته فيصح وصفه بالراحم لا الرحيم فيدخل في ذلك ثم أورد على نفسه حديث إنما يرحم الله من عباده الرحماء وقال: إن له جوابا حقه أن يكتب بماء الذهب على صفحات القلوب وهو أن لفظ الجلالة دال على العظمة والكبرياء ولفظ الرحمن دال على العفو بالاستقراء حيث ورد لفظ الجلالة يكون الكلام مسوقا للتعظم فلما ذكر لفظ الجلالة في قوله إنما يرحم الله لم يناسب معها غير ذكر من كثرت رحمته وعظمت ليكون الكلام جاريا على نسق العظمة ولما كان الرحمن يدل على المبالغة في العفو ذكر كل ذي رحمة وإن قلت
(حم د) في الأدب (ت) في الزكاة (ك) كلهم (عن ابن عمرو) بن العاص قال الترمذي: حسن صحيح زاد (حم ت ك والرحم شجنة) بالكسر والضم (من الرحمن) أي مشتقة من اسمه يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق شبه بذلك مجازا واتساعا وأصل الشجنة شعبة من أغصان الشجرة (فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله) أي قطع عنه جوده وفضله
_________
(1) والرحمة مقيدة باتباع الكتاب والسنة فإقامة الحدود والانتقام لحرمة الله لا ينافي كل منهما الرحمة
الصفحة 42
552