كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 4)

6204 - (كان داود) نبي الله (أعبد) وفي رواية من أعبد (البشر) أي أكثرهم عبادة في زمانه أو مطلقا والمراد أشكرهم قال تعالى {اعملوا آل داود شكرا} أي بالغ في شكري وابذل وسعك فيه قيل جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فما من ساعة إلا وإنسان منهم قائم يصلي
(ت ك) في التفسير من حديث فضيل عن محمد بن سعيد الأنصاري عن عبد الله بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني (عن أبي الدرداء) قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي بأن عبد الله هذا قال أحمد: أحاديثه موضوعة اه وأفاد الهيثمي أن البزار رواه بإسناد حسن وبه يعرف أن المصنف لم يصب حيث آثر الرواية التي فيها الكذب على الرواية الحسنة بل قال في جواهر العقدين: إن الحديث في صحيح مسلم
6205 - (كان أيوب) النبي عليه السلام (أحلم الناس) أي أكثرهم حلما والحلم سعة الأخلاق (وأصبر الناس) أي أكثرهم صبرا على السقم وصفة الحليم تحمل أثقال الأمر والنهي بالرضى وسعة الصدر (وأكظمهم للغيظ) لأن الله شرح صدره فاتسع لتحمل مساوئ الخلق ومن ثم لما سئل حكيم عن الحلم قال: هو تطييب الأمور في الصدور وسئل علي: ما العلم؟ قال: خشية الرب واعتزال الخلق قيل: فما الحلم قال: كظم الغيظ وملاك النفس
(الحكيم) الترمذي (عن ابن أبزى) الذي وقفت عليه في كتب الحكيم ابن أبزى بفتح الهمزة وسكون الموحدة ثم زاي مقصور الخزاعي صحابي صغير
6206 - (كان الناس يعودون داود) أي يزورونه (يظنون أن به مرضا وما به شيء إلا شدة الخوف) وفي رواية للحكيم بدله الفرق (من الله تعالى) زاد أبو نعيم في رواية والحياء هذا لفظه وذلك لما غلب على قلبه من الهيبة الجلالية عاين القلب سلطانا عظيما فلم يتمالك لأنه لزمه الوجل حتى كاد يغلق كبده فظهرت العبرة على جوارحه الظاهرة قال يزيد الرقاشي: خرج داود في أربعين ألفا يعظهم ويخوفهم فمات منهم ثلاثون ألفا ورجع في عشرة آلاف وكان له جاريتان اتخذهما حتى إذا جاءه الخوف وسقط فاضطرب قعدتا على رجليه وصدره مخافة أن تتفرق مفاصله فيموت
(ابن عساكر) في ترجمة داود وكذا أبو نعيم والديلمي باللفظ المزبور ولعل المؤلف لم يستحضر كلا منهما عن (ابن عمر) بن الخطاب وفيه عندهما محمد بن عبد الرحمن بن غزوان قال الذهبي: قال ابن حبان يضع وقال ابن عدي متهم بالوضع ورواه عنه أيضا أبو نعيم والديلمي فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير سديدة لإيهامه
6207 - (كان زكريا) بالمد والقصر والشد والتخفيف اسم أعجمي (نجارا) فيه إشارة إلى أن كل أحد لا ينبغي له أن يتكبر -[545]- عن كسب يده لأن نبي الله مع علو درجته اختار هذه الحرفة وفيه أن التجارة لا تسقط المروءة وأنها فاضلة لا دناءة فيها فالاحتراف بها لا ينقص من مناصب أهل الفضائل
(حم م) في المناقب (هـ عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن ماجه ولم يخرجه البخاري قال القرطبي: بل الحرف والصنائع غير الدينية زيادة في فضل أهل الفضل لحصول مزيد التواضع والاستغناء عن الغير وكسب الحلال الخالي عن المنة قال: وقد كان كثير من الأنبياء يزاولون الأعمال فآدم الزراعة ونوح التجارة وداود الحدادة وموسى الكتابة كان يكتب التوراة بيده وكل منهم قد رعى الغنم

الصفحة 544