كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 5)

6280 - (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى) بفتح الهمزة والموحدة بامتناعه عن قبول الدعوى أو بتركه الطاعة التي هي سبب لدخولها لأن من ترك ما هو سبب شيء لا يوجد بغيره فقد أبى أي امتنع والمراد أمة الدعوة فالآبي هو الكافر بامتناعه عن قبول الدعوة وقيل أمة الإجابة فالآبي هو العاصي منهم استثناهم تغليظا وزجرا عن المعاصي قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: (من أطاعني) أي انقاد وأذعن لما جئت به (دخل الجنة) وفاز بنعيمها الأبدي بين أن إسناد الامتناع عن الدخول إليهم مجاز عن الامتناع لسببه وهو عصيانه بقوله (ومن عصاني) بعدم التصديق أو بفعل المنهي (فقد أبى) (1) فله سوء المنقلب بإبائه والموصوف بالإباء إن كان كافرا لا يدخل الجنة أصلا أو مسلما لم يدخلها مع السابقين الأولين قال الطيبي: ومن أبى عطف على محذوف أي عرفنا الذين يدخلون الجنة والذي أبى لا نعرفه وكان من حق الجواب أن يقال من عصاني فعدل إلى ما ذكره تنبيها به على أنهم ما عرفوا ذاك ولا هذا إذ التقدير من أطاعني وتمسك بالكتاب والسنة دخل الجنة ومن اتبع هواه وزل عن الصواب وخل عن الطريق المستقيم دخل النار فوضع أبى موضعه وضعا للسبب موضع المسبب
(خ) في أواخر الصحيح (عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم ووهم الحاكم في استدراكه وعجب إقرار الذهبي له عليه في تلخيصه
_________
(1) [من عصاه صلى الله عليه وسلم فقد أبى دخول الجنة لأنه أبى وامتنع عن الطريق الوحيد الموصل إليها. دار الحديث]
6281 - (كل امرئ مهيأ لما خلق له) أي مصروف مسهل لما خلق له إن خيرا فخير وإن شرا فشر وفيه إيماء إلى أن المآل محجوب عن المكلف فعليه أن يجتهد في عمل ما أمر به فإن عمله أمارة إلى ما يؤول إليه أمره غالبا وإن كان بعضهم قد يختم له بغير ذلك لكن لا إطلاع لنا عليه فعلى المكلف بخاصة نفسه ولا يكلها إلى ما يؤول إليه أمره فيلام ويستحق العقوبة
(حم طب عن أبي الدرداء) قال: قالوا يا رسول الله أرأيت ما نعمل أمر قد فرغ منه أو شيء نستأنفه فقال: بل فرغ منه قالوا: فكيف بالعمل فذكره قال الهيثمي: سليمان بن عنبسة وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه ابن معين وغيره وبقية رجاله ثقات وقال ابن حجر بعد ما عزاه لأحمد: سنده حسن
6282 - (كل امرئ في ظل صدقته) يوم القيامة حين تدنو الشمس من الرؤوس (حتى يقضى) لفظ رواية الحاكم حتى يفصل (بين الناس) يعني أن المتصدق يكفى المخاوف ويصير في كنف الله وستره يقال أنا في ظل فلان أي في داره وحماه أو المراد الحقيقة بأن تجسد الصدقة فيصير بها في ظل بخلق الله وإيجاده كما قيل فيه وفي نظائره المعروفة كذبح -[13]- الموت ووزن الأعمال {والله على كل شيء قدير} وكان بعض السلف لا يأتي عليه يوم إلا تصدق ولو ببصلة أو لقمة
(حم ك) في الزكاة (عن عقبة بن عامر) قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال في المهذب: إسناده قوي وقال الهيثمي: رجال أحمد ثقات

الصفحة 12