كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 5)

8118 - (ما نحل) وفي رواية للعسكري ما ورث (والد ولده) وفي رواية ولدا أي ما أعطاه عطية (أفضل من أدب حسن) أي من تعليمه ذلك ومن تأديبه بنحو توبيخ وتهديد وضرب على فعل الحسن وتجنب القبيح أي لا يعطي ولده عطية أفضل من تعليمه الأدب الحسن وهذا مما يتوجه على الآباء من بر الأولاد قال تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} فأهم الآداب أدبه مع الله باطنا بآداب الإيمان كالتعظيم والحياء والتوكل وظاهرا لمحافظة الحدود والحقوق والتخلق بأخلاق الإسلام وآدابه مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في متابعة سننه في كل صغير وكبير وجليل وحقير ثم أدبه في صحبة القرآن بالانقياد له على غاية التعظيم ثم يتعلم علوم الدين ففيها ميع الآداب ثم أدبه مع الخلق بنحو مداراة ورفق ومواساة واحتمال وغير ذلك وثواب الأدب في تعليم الولد بقدر شأن ما علم
<تنبيه> ما ذكر من أن سياق الحديث هكذا هو ما جرى عليه المؤلف وقد سقط من قلمه بعضه فإن لفظ الحديث ما نحل والد ولده من نحلة أفضل من أدب حسن هكذا هو عند مخرجه الترمذي فسقك الجار والمجرور من قلم المؤلف سهوا. قال الطيبي: جعل الأدب الحسن من جنس المال والعطيات للمبالغة قال ابن الأثير: والنحلة بالكسر العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق
(ت) في البر (ك) في الأدب من حديث أيوب بن موسى عن أبيه (عن) جده (عمرو بن سعيد بن العاص) بن سعيد بن أمية القرشي الأموي المعروف بالأشدق التابعي ولي إمرة المدينة لمعاوية قتله عبد الملك بن مروان ووهم من زعم أن له صحبة وإنما لأبيه رؤية وكان مسرفا على نفسه قال الترمذي: حسن غريب مرسل أي لأن عمرا لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم فهو تابعي كما تقرر وقال الحاكم: صحيح فرده الذهبي وقال: بل مرسل ضعيف ففيه عامر بن صالح الخزاز واه إلى هنا كلامه وقال الهيثمي: رواه الطبراني عن ابن عمر وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير وهو متروك اه. ورواه البيهقي في الشعب عازيا للبخاري في التاريخ
8119 - (ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر) الصديق وتمامه فبكى أبو بكر وقال: هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟ وفي رواية عن ابن المسيب مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه وهذا لا ينافيه خبر البخاري أنه لم يأخذ الراحلة إلى الهجرة إلا بالثمن لاحتمال أنه أبرأه منه وأخرج ابن عساكر أن أبا بكر أسلم وله أربعون ألف دينار فأنفقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم
(حم هـ) وكذا أبو يعلى (عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن أبي إسرائيل وهو ثقة مأمون اه. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رمزه لحسنه تقصير بل حقه الرمز لصحته
8120 - (ما نقصت صدقة من مال) قال الطيبي: من هذه يحتمل أن تكون زائدة أي ما نقصت صدقة مالا ويحتمل أن تكون صلة لنقصت والمفعول الأول محذوف أي ما نقصت شيئا من مال في الدنيا بالبركة فيه ودفع المفسدات عنه والإخلاف عليه بما هو أجدى وأنفع وأكثر وأطيب {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} أو في الآخرة بإجزال الأجر وتضعيفه أو فيهما وذلك جابر لأصناف ذلك النقص بل وقع لبعض الكمل أنه تصدق من ماله فلم يجد فيه نقصا قال الفاكهاني: أخبرني من أثق به أنه تصدق من عشرين درهما بدرهم فوزنها فلم تنقص. قال: وأنا وقع لي ذلك. وقول -[504]- الكلاباذي: قد يراد بالصدقة الفرض وبإخراجها لم تنقص ماله لكونها دينا فيه بعد لا يخفى (وما زاد الله عبدا بعفو) أي بسبب عفوه (إلا عزا) في الدنيا فإن من عرف بالعفو والصفح عظم في القلوب أو في الآخرة بأن يعظم ثوابه أو فيهما (وما تواضع أحد لله) من المؤمنين رقا وعبودية في ائتمار أمره والانتهاء عن نهية ومشاهدته لحقارة النفس ونفي التعجب عنها (إلا رفعه الله) في الدنيا بأن يثبت له في القلوب بتواضعه منزلة عند الناس ويجل مكانه وكذا في الآخرة على سرير خلد لا يفنى ومنبر ملك لا يبلى ومن تواضع لله في تحمل مؤن خلقه كفاه الله مؤنة ما يرفعه إلى هذه المقام ومن تواضع في قبول الحق ممن دونه قبل الله منه مدخول طاعاته ونفعه بقليل حسناته وزاد في رفعة درجاته وحفظه بمعقبات رحمته من بين يديه ومن خلفه واعلم أن من جبلة الإنسان الشح بالمال ومتابعة السبعية من آثار الغضب والانتقام والاسترسال في الكبر الذي هو نتائج الشيطنة فأراد الشارع أن يقلعها من نسخها فحث أولا على الصدقة ليتحلى بالسخاء والكرم وثانيا على العفو ليتعزز بعز الحلم والوقار وثالثا على التواضع ليرفع درجاته في الدارين
(حم م) في الأدب (ت) في البر (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري

الصفحة 503