كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 5)

-[505]- 8126 - (مانع الزكاة يوم القيامة في النار) أي نار جهنم وهذا حث للمؤمنين على أداء الزكاة وتخويف شديد من منعها حيث جعل المنع من أوصاف أهل الكفر الذين هم أهل النار
<تنبيه> منع الزكاة أكبر درجات البخل وأداؤها أقل درجات الجود والسخاء الذي هو البسط في الأيدي والأعضاء فلم يجد في المال حركة ولا موضعا ينشط فيه بالمشي لأن الحركات والسكنات في الآخرة إنما هي معاني الديانات لا يجد العبد إلا ما قدم ولا يتصرف إلا فيما كان فيه والمال له علاقة بقلب مالكه فهو يملكه ويشده ويضمه إليه بتلك العلاقة والمال طائع له وتابع حيثما تصرف بالعلاقة التي تجذبه بها إلى ملكه فمن لا يؤدي الزكاة فقد أحب المال الحب الكلي ومال به المال إليه وباستغراق الحب فيه تعبده المال وصار ذليلا لمحبوبه تعس عبد الدنيا وخاب وخسر في العقبى. واعلم أن التزكية من صفات الأرواح لأنها وصف من صفات المزكي سبحان هو تنزيه المتصف بها عن رذيلة البخل ووصفه بصفة الجود لكن المقتصر على أداء الزكاة في أقل درجاتها وإنما التزكية فيمن بذل المال في وجوه البر. واعلم بأن الوجود كله متعبد لله بالزكاة. انظر إلى الأرض التي هي أقرب الأشياء إليك تجدها تعطي أقرب الخلق إليها وهم من على ظهرها جميع بركاتها لا تبخل عليهم بشيء مما عندها وكذا النبات يعطي ما عنده وكذا الحيوان والسماء والأفلاك الكل متعاون بعضه لبعض لا يدخر شيئا مما عنده في طاعة الله لأن الوجود كله فقير بعضه إلى بعض قد لزم الفقر وشملته الحاجة فعطف بعضه على بعض وإعطاؤه ما عنده هو زكاته فمانع الزكاة قد خالف أهل السماء والأرض وجميع الموجودات فلذلك وجب قتاله وقهره في الدنيا وأدخل النار في العقبى
(طص عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: فيه سعد بن سنان وفيه كلام كثير وقد وثق ورواه عنه أيضا الرازي في مشيخته قال ابن حجر: إن كان هذا محفوظا فهو حسن وفيه رد على قول ابن الصلاح: لم نجد له أصلا
8127 - (مثل الإيمان مثل القميص تقمصه مرة وتنزعه مرة) لأن للإيمان نورا يضيء على القلب فإذا ولجت الشهوات على القلب حالت بينه وبين ذلك النور فحجب القلب عن الرب فإذا تاب راجعه النور وذلك النور يسمى إيمانا فإذا اطمأن العبد إلى شهوته نفر ذلك النور وفر فإذا آب عاد ذلك النور فاستنار القلب وهكذا وعلى ذلك ما رواه الحكيم الترمذي عن أبي أيوب مرفوعا ليأتين على الرجل أحايين وما في جلده موضع إبرة من نفاق وليأتين عليه أحايين وما فيه موضع إبرة من إيمان لأنه في وقت فعله الزنا مثلا يصير عنه محجوبا عن النور وذلك أصله المآكل الردية والمكاسب الدنية والأخلاق البذية والحقد والغل والغش والحرص على الدنيا والتهافت عليها ونحو ذلك من الأمراض القلبية
<تنبيه> قال القاضي: المثل الصفة العجيبة وهو في الأصل بمعنى المثل الذي هو النظير ثم استعير للقول السائر الممثل مضربه بمورده وذلك لا يكون إلا قولا فيه غرابة ثم استعير لكل ما فيه غرابة من قصة وحال وصفة
(ابن قانع) في المعجم (عن والد معدان) وهو من حديث أحمد بن سهل الأهوازي عن علي بن بحر عن بقية عن خالد بن معدان عن أبيه عن جده قال في الميزان: وهذا خبر منكر وإسناده مركب ولا نعرف لخالد رواية عن أبيه ولا لأبيه ولا جده ذكر في شيء من كتب الرواة واختلف في اسم جده فقيل أبو كرب وقيل شمس وقيل ثور حكاها ابن قانع والأول هو المعروف اه قال ع [أبو يعلى في مسنده] : والموجود في كتب التواريخ خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي قال الكمال بن أبي شريف: ولعل هذه كنيته وذاك اسمه وخالد أحد الأئمة المشهورين المتفق عليهم وأبوه وجده قال ع [أبو يعلى في مسنده] : لم أر لهما ذكرا إلا في ابن قانع

الصفحة 505