كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

8240 - (من تمام الصلاة) أي مكملاتها ومتمماتها (سكون الأطراف) أي اليدين والرجلين والرأس وغيرها من جميع الأعضاء فإن ذلك يورث الخشوع الذي هو روح العبادة وبه صلاحها قال الإمام الرازي: والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية وتارة من فعل البدن كالسكون وقيل لا بد من اعتبارهما حكاه في تفسيره وقال غيره: هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون ما في الأطراف بلازم مقصود العبادة ويدل على أنه من عمل القلب حديث علي الخشوع في القلب أخرجه الحاكم وقال بعضهم: نبه بهذا الحديث على أن الخشوع يدرك بسكون الجوارح إذ الظاهر عنوان الباطن وروى البيهقي بإسناد قال ابن حجر: صحيح عن مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود وكذا أبو بكر الصديق. فالعبث مكروه
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي بكر) الصديق
8241 - (من تمام النعمة دخول الجنة والفوز من النار) إشارة إلى قوله تعالى {فمن زخرح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} وهذا قاله لمن قال له: يا رسول الله علمني دعوة أرجو بها خيرا ومقصود السائل المال الكثير فرده النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ رد بقوله ذلك في الجواب من قبيل الكناية وفيه من المبالغة والبداعة ما لا يخفى فمن أشكل عليه مطابقة الجواب للسؤال لم يفهم شيئا من أسرار ذلك المقال
(ت عن معاذ) بن جبل
8242 - (من حسن الصلاة) وفي رواية من تمام الصلاة (إقامة الصف) أي تسوية الصفوف وإتمامها الأول فالأول فالمراد بالصف الجنس قال ابن بطال: وفيه أن تسوية الصفوف سنة لأن حسن الشيء أمر زائد على حقيقته التي لا يتحقق إلا بها وإن كان يطلق بحسب الوضع على بعض ما لم يتم بحسب الحقيقة إلا به ونوزع بأن لفظ الشارع لا يحمل على ما دل عليه الوضع في اللسان العربي وإنما يحمل على العرف إذا ثبت أنه عرف الشارع
(ك) في الصلاة (عن أنس) بن مالك وقال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي
8243 - (من) قال الطيبي: تبعيضية ويجوز كونها بيانية (حسن إسلام المرء) آثره على الإيمان لأنه الأعمال الظاهرة والفعل والترك إنما يتعاقبان عليها وزاد حسن ايماءا إلى أنه لا يتميز بصور الإيمان فعلا وتركا إلا إن اتصفت بالحسن بأن توفرت شروط مكملاتها فضلا عن المصححات وجعل الترك ترك ما لا يعني من الحسن (ترك ما لا يعنيه) بفتح أوله من عناه الأمر إذا تعلقت عنايته به وكان من قصده وإرادته وفي إفهامه أن من قبح إسلام المرء أخذه فيما لا يعنيه والذي لا يعني هو الفضول كله على اختلاف أنواعه والذي يعني المرء من الأمور ما تعلق بضرورة حياته في معاشه مما يشبعه ويرويه ويستر عورته ويعف فرجه ونحوه مما يدفع الضرورة دون ما فيه تلذذ وتنعم وسلامته في معاده وهو الإسلام -[13]- والإيمان والإحسان وبذلك يسلم من سائر الآفات وجميع الشرور والمخاصمات وذلك أن حسن إسلامه ورسوخ حقيقة تقواه ومجانبته هواه ومعاناة ما عداه ضياع للوقت النفيس الذي لا يمكن أن يعوض فائته فيما لم يخلق لأجله فمن عبد الله على استحضار قربه من ربه أو قرب ربه منه فقد حسن إسلامه كما مر وأخذ النووي من هذا الخبر أنه يكره أن يسأل الرجل فيما ضرب امرأته قال بعضهم: ومما لا يعني العبد تعلمه ما لا يهم من العلوم وتركه أهم منه كمن ترك تعلم العلم الذي فيه صلاح نفسه واشتغل بتعلم ما يصلح به غيره كعلم الجدل ويقول في اعتذاره نيتي نفع الناس ولو كان صادقا لبدأ باشتغاله بما يصلح نفسه وقلبه من إخراج الصفات المذمومة من نحو حسد ورياء وكبر وعجب وتراوس على الأقران وتطاول عليهم ونحوها من المهلكات قالوا وذا الحديث ربع الإسلام وقيل نصفه وقيل كله
<تنبيه> قال ابن عربي: من أمراض النفس التي يجب التداوي منها أن يفعل رجل خيرا مع بعض بنيه دون بعض فتعرضه لهذا فضول يثمر عداوة الولد لأبيه فهي كلمة شيطانية لا تقع إلا من جاهل غبي ولا دواء لها بعد وقوعها ودواؤها قبله النظر إلى هذا الحديث
(ت هـ عن أبي هريرة) قال في الأذكار: وهو حسن. (حم طب عن الحسن بن علي) بن أبي طالب قال الهيثمي: رجال أحمد والطبراني ثقات (الحكيم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن أبي بكر الشيرازي) كذا بخط المصنف وفي نسخ أبي بكر الشيرازي (عن أبي ذر ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (عن علي بن أبي طالب طس عن زيد بن ثابت) قال الهيثمي: فيه محمد بن كثير بن مروان وهو ضعيف (ابن عساكر) في التاريخ (عن) أبي عبد الرحمن (الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي المكي من مسلمة الفتح وأشار باستيعاب مخرجيه إلى تقويه ورد زعم جمع ضعفه ومن ثم حسنه النووي بل صححه ابن عبد البر وبذكره خمسا من الصحابة إلى رد قول آخرين لا يصح إلا مرسلا

الصفحة 12