8712 - (من رمى) أي سب (مؤمنا بالكفر) بأن قال هو كافر وهو مؤمن فشبه السب بالرمي فيكون استعارة مصرحة وذكر فعل الرمي استعارة تبعية ووجه الشبه أنه كما أن الرمي يهلك ظاهرا فالسب يهلك باطنا فاشتركا في مطلق الإهلاك لكن الثاني أولى كقول المرتضى كرم الله وجهه " جراحات السنان لها التئام ". البيت. (فهو كقتله) في عظم الوزر وشدة الإصر عند الله تعالى فقوله كقتله إشارة إلى خبر عرض المؤمن كدمه يعني من سبه بالكفر هتك عرضه وعرض المؤمن كدمه فمن سبه بالكفر فكأنه سفك دمه أو المراد حكمه حكم قتله في الآخرة وحكمه فيها دخول النار
(طب عن هشام بن عامر) بن أمية الأنصاري البخاري رمز المصنف لحسنه
8713 - (من رمانا بالليل) أي رمى إلى جهتنا بالقسي ليلا وفي رواية بالنبل بدل الليل (فليس منا) لأنه حاربنا ومحاربة أهل الإيمان آية الكفران أو ليس على منهاجنا لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه فضمير المتكلم في الموضعين لأهل الإيمان وسببه أن قوما من المنافقين كانوا يرمون بيوت بعض المؤمنين فقاله ويشمل هذا التهديد كل من فعله من المسلمين بأحد منهم لعداوة واحتقار ومزاح لما فيه من التفزيع والترويع وذهب البعض إلى أن المراد بالرمي ليلا ذكره لغيره بسوء أو قذف خفية تشبيها برمي الليل
<تنبيه> قد خفي معنى هذا الحديث ومعرفة سببه على بعض عظماء الروم فأتى من الخلط والخبط بما يتعجب منه حيث قال عقب سياقه الحديث يعني من ذكر المؤمنين بسوء في الغيبة. وتخصيص الليل بالذكر لأن الغيبة أكثر ما تكون بالليل ولأنه يحتمل أن يكون سبب ورود الحديث واقعا في الليل وفي قوله رمانا استعارة مكنية وتبعية إلى هنا كلامه. وإنما أوردته ليتعجب منه
(حم) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: وفيه يحيى بن أبي سليمان وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني عن عبد الله بن جعفر وزاد يونس ومن رقد على سطح لا جدار له فمات فدمه هدر
8714 - (من روع مؤمنا) أي أفزعه فأخافه كأن أشار إليه بنحو سيف أو سكين ولو هازلا أو أشار إليه بحبل يوهمه أنه حية (لم يؤمن الله تعالى روعته) أي لم يسكن الله تعالى قلبه (يوم القيامة) حين يفزع الناس من هول الموقف وإذا كان هذا في مجرد الروع فما ظنك بما فوقه بل يخيفه ويرعبه جزاءا وفاقا يقال أمن زيد الأسد وأمن منه سلم منه وزنا ومعنى قال في المصباح وغيره: والأصل أن يستعمل في سكون القلب اه. ومنه أخذ الشافعية أن المالك يحرم عليه أخذ وديعته من تحت يد المودع بغير علمه لأنه فيه إرعابا له بظن ضياعها قال بعض الأئمة: ولا فرق في ذلك بين كونه جدا أو هزلا أو مزحا وجرى عليه الزركشي في التكملة نقلا عن القواعد فقال: ما يفعله الناس من أخذ المتاع على سبيل المزح حرام وقد جاء في الخبر لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبا ومن ثم اتجه جزم بعضهم بحرمة كل ما فيه إرعاب للغير مطلقا
<تنبيه> ما ذكر من معنى هذا الحديث في غاية الظهور وقد قرر بعض موالي الروم تقريرا يمجه السمع وينبو عنه الطبع فقال: المعنى أن من أفزع مؤمنا وخوفه بأن قال له لم تؤمن بالله أي ما صدر منك الإيمان المنجي ولا ينفعك هذا الإيمان والحال أنه آمن بالله روعته يوم القيامة أي أكون خصمه وأخوفه بالنار يوم القيامة قال: وهذا على تقدير -[140]- أن يكون كلمة في قوله لم يؤمن بالله للنفي كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون للاستفهام أي أتعلم لأي شيء تؤمن بالله؟ والإيمان بالله لا بد أن يكون على وجه يعتد به في الآخرة ولا فائدة في إيمانك هذا وقوله لم يؤمن بالله يجوز أن يكون بالتاء الفوقية والياء التحتية إلى هنا كلامه وهو عجب (ومن سعى بمؤمن) إلى سلطان ليؤذيه (أقامه الله تعالى مقام ذل وخزي يوم القيامة) فالسعاية حرام بل قضية الخبر أنها كبيرة وأفتى ابن عبد السلام في طائفة بأن من سعى بإنسان إلى سلطان ليغرمه شيئا فغرمه رجع به على الساعي كشاهد رجع وكما لو قال هذا لزيد وهو لعمر ولكن الأرجح عند الشافعية خلافه لقيام الفارق وهو أنه لا إيجاب من الساعي شرعا
(هب عن أنس) بن مالك ثم قال أعني البيهقي: تفرد به مبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ومبارك هذا أورده الذهبي في المتروكين وقال: قال أبو زرعة: ما أعرف له حديثا صحيحا وعبد العزيز ضعفه ابن معين وغيره