كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

8720 - (من زرع زرعا فأكل منه طير أو عافية) أي كل طالب رزق (كان له صدقة) أي كان له فيما يأكله العوافي ثواب كثواب الصدقة تصدق بها في اختياره قال في الإتحاف: والعافية السباع أو نحوها مما يرد المياه والزرع
(حم) وكذا الطبراني في الكبير من طريق أحمد ولعل المصنف أغفله ذهولا (وابن خزيمة) في صحيحه (عن خلاد بن السائب) قال الهيثمي: إسناده حسن
8721 - (من زنى خرج منه الإيمان) إن استحل وإلا فالمراد نوره أو أنه صار منافقا نفاق معصية لا نفاق كفر أو أنه شابه الكافر في عمله وموقع التشبيه أنه مثله في حل قتاله أو قتله وليس بمستحضر حال تلبسه به حلال من آمن به فهو كناية عن الغفلة التي جلبتها عليه الشهوة والمعصية تذهله عن رعاية الإيمان وهو تصديق القلب فكأنه نسي من صدق به أو أنه يسلب الإيمان حال تلبسه به فإذا فارقه عاد إليه أو المعنى خرج منه الحياء لأن الحياء من الإيمان كما مر في عدة أخبار صحاح وحسان أو هو زجر وتنفير فغلظ بإطلاق الخروج عليه لما أن مفسدة الزنا من أعظم المفاسد وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الإنسان وحماية الفروج وصيانة الحرمات وتوقي العداوة والبغضاء بين الناس وغير ذلك (فإن تاب تاب الله عليه) أي قبل توبته فينبغي أن يبادر بالتوبة قبل هجوم هاذم اللذات فيكون قد باع أبكارا عربا أترابا كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات دنسات مسافحات أو متخذات أخدان وحور مقصورات في الخيام بخيثات مسبيات بين الأنام
(طب عن شريك) قال الحافظ في الفتح: سنده جيد رمز لحسنه
8722 - (من زنى أو شرب الخمر نزع منه الإيمان) أي كماله (كما يخلع الإنسان القميص من رأسه) أبرز المعقول بصورة المحسوس تحقيقا لوجه التشبيه ولم يذكر التوبة لظهورها أو للتشديد والتهديد والتهويل وذلك لأن الخمر أم الفواحش والزنا يترتب عليه المقت من الله وقد علق سبحانه فلاح العبد على حفظ فرجه منه فلا سبيل إلى الفلاح بدونه فقال {قد أفلح المؤمنون} الآيات وهذا يتضمن أن من لم يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين وأنه من الملومين العادين ففاته القلاح واستحق اسم العدوان ووقع في اللوم فمقاساة ألم الشهوة أيسر من بعض ذلك
(ك) في الإيمان من حديث عبد الله بن الوليد عن أبي حجيرة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: احتج مسلم بعبد الرحمن بن حجيرة وبعبد الله وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر: إسناده جيد
8723 - (من زنى زنى به) بالبناء لما لم يسم فاعله (ولو بحيطان داره) يشير إلى أن من عقوبة الزاني ما لا بد أن -[143]- يعجل في الدنيا وهو أن يقع في الزنا بعض أهل داره حتما مقضيا وذلك لأن الزنا يوجب هتك العرض مع قطع النظر عن لزوم الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة فيكون سيئة {وجزاء سيئة سيئة مثلها} فيلزم أن يسلط على الزاني من يزني به بنحو حليلته {والله عزيز ذو انتقام} فإن لم يكن للزاني من يزني به أو يلاط به من نحو حليلة أو قريب عوقب بوجه آخر فقوله زني به من قبيل المشاكلة إلا أن قوله ولو بحيطان داره ينبو عنه والظاهر أن المراد بالحيطان مزيد المبالغة ويحتمل الحقيقة بأن يحك رجل ذكره بجداره فينزل وكما أن الزنا يهتك العرض فكذا مسح الذكر بالجدار وتلوثه بالمني وعلم مما تقرر أن المراد من الزنا في قوله زني به مكافأة الزاني بهتك عرضه بالزنا هبه لنفسه أو لشخص من أتباعه والظاهر أن المرأة كالرجل فإذا زنت عوقبت بزنا زوجها وحصول الغيرة لها ووقوع الزنا في أبويها ونحوهما ورأيت في بعض التواريخ أن رجلا حصره البول فدخل خربة فبال ثم تناول عظمة فاستجمر بها فبمجرد مسح ذكره بها أنزل فأخذها وعرضها على بعض أهل التشريح فقالوا: إنها عظمة فرح امرأة وفي هذه الأحاديث أن من زنى دخل في هذا الوعيد هبه بكرا أو محصنا سواء كان المزني بها أجنبية أو محرمة بل المحرم أفحش وهبه أعزب أم متزوج لكن المتزوج أعظم ولا يدخل فيه ما يطلق عليه اسم الزنا من نظر وقبلة ومباشرة فيما دون الفرج ومس محرم لأنها من اللمم
(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الديلمي باللفظ المزبور

الصفحة 142