كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

8724 - (من زنى) بالتشديد (أمة) أي رماها بالزنا لا أنه زنى بها في الواقع وإلا لم يكن قوله (لم يرها تزنى) له فائدة (جلده الله يوم القيامة بسوط من نار) في الموقف على رؤوس الأشهاد أو في جهنم بأيدي الزبانية جزاءا وفاقا وقوله لم يرها تزنى جملة حالية من فاعل زنى أو من مفعوله والأمة أعم من كونها للقاذف أو لغيره قال المهلب: أجمعوا على أن الحر إذا قذف عبدا أو أمة لم يجب عليه الحد ودل هذا الحديث على ذلك لأنه لو وجب عليه في الدنيا لذكره كما ذكره في الآخرة وإنما خص دلك بالآخرة تمييزا للحر من المملوك اه. ومن تعقب حكاية الإجماع بما ورد عن ابن عمر في أم الولد من أن قاذفها يحد فقد وهم لأن مراده به بعد موت السيد
<تنبيه> قد أذنت هذه الأخبار بقبح الزنا وقد تظافر على ذلك أرباب الملل والنحل بل وبعض البهائم ففي البخاري أن قردة في الجاهلية زنت فرجمت وساقه الإسماعيلي مطولا عن عمرو بن ميمون قال: كنت باليمن في غنم لأهلي فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد سلا رفيقا وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق فاستيقظ فرحا فشمها فصاح فاجتمعت القردة فجعل يصيح ويرمى إليها فذهبت القردة يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد فحفروا لهما حفرة فرجموهما وذكر أبو عبيدة في كتاب الخيل من طريق الأوزاعي أن مهرا نزى على امه فامتنع فأدخلت بيتا وجللت بكساء فأنزى عليها فنزى فلما شم ريح أمه عمد إلى ذكره فقطعه من أصله بأسنانه
(حم عن أبي ذر) رمز لحسنه وفيه عبيد الله بن أبي جعفر أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أحمد: ليس بقوي
8725 - (من زهد في الدنيا) واشتغل بالتعبد (علمه الله بلا تعلم) من مخلوق (وهداه بلا هداية) من غير الله (وجعل بصيرا) بعيوب نفسه (وكشف عنه العمى) أي رفع عن بصيرته الحجب فانجلت له الأمور فعرف الأشياء النافعة وضدها والظاهر أن المراد بالعلم علم طريق الآخرة كما يشير إليه كلام حجة الإسلام قال الحجة: والذي يبعث على الزهد ترك آفات الدنيا وعيوبها وقد أكثر الناس القول فيه ومنه قول بعضهم تركت الدنيا لقلة غنائها وكثرة عنائها وسرعة فنائها -[144]- وخسة شركائها قال الإمام: لكن يجيء من هذا رائحة الرغبة لأن من شكا فراق أحد أحب وصاله ومن ترك شيئا لمكان الشركاء فيه أخذه لو انفرد به فالقول البالغ له أن الدنيا عدوة الله وأنت محبه ومن أحب أحدا أبغض عدوه ولأنها وسخة جيفة لكنها ضمخت بطيب وطرزت بزينة فاغتر بظاهرها الغافلون وزهد فيها العاقلون
(حل) في مناقب المرتضي (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه أيضا الديلمي وفيه ضعيف

الصفحة 143