كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

8769 - (من شرب مسكرا ما كان) أي أي شيء كان سواء كان خمرا وهو المتخذ من العنب أو نبيذا وهو المتخذ من غيره (لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما) زاد أحمد فإن مات مات كافرا وخص الصلاة لأنها أفضل عبادات البدن فإن لم تقبل فغيرها أولى وخص الأربعين لأن الخمر يبقى في جوف الشارب وعروقه وأعصابه تلك المدة فلا تزول بالكلية غالبا إلا فيها قال ابن العربي: وقوله لم تقبل له صلاة أربعين يوما تعلقت به وبأمثاله الصوفية على قولهم إن البدن يبقى أربعين يوما لا يطعم ولا يشرب لاجتزائه بما تقدم من غذائه لهذه المدة بما يقتضيه فضيله وتوجيه ميراثه وقالت الغالية منهم: إن موسى لما تعلق باله بلقاء ربه نسي نفسه واشتغل بربه فلم يخطر له طعام ولا شراب على بال وذلك على الله غير عزيز وورد به خبر وإلا فتعين الجائزات من غير خبر من الله تعدى على دينه
(طب عن السائب بن يزيد) وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي وهو متروك وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه وقضية تصرف المصنف حيث عدل للطبراني واقتصر عليه أنه لم يره مخرجا في شيء من دواوين الإسلام الستة وهو ذهول فقد خرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه في الأشربة الأول عن ابن عمرو بن العاص الكل مرفوعا بلفظ من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه هذا لفظهم ثم زادوا فيه بعده
8770 - (من شرب بصقة من خمر) أي شيئا قليلا بقدر ما يخرج من الفم من البصاق (فاجلدوه ثمانين) إن كان حرا ومن فيه رق عليه نصب حد الحر وقد بين به أن ما أسكر كثيره حرم قليله وإن كان قطرة واحدة وحد شاربه وإن لم يتأثر من ذلك وقد استدل به من ذهب إلى أن حد الخمر ثمانون وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي واختاره ابن المنذر والقول الآخر للشافعي أنه أربعون وهو المشهور وجاء عن أحمد كالمذهبين وظاهر الحديث أن الشارب ليس حده إلا ما ذكر وإن تكرر منه الشرب لكن في حديث في السنن قال ابن حجر: بطرق أسانيدها قوية أنه يقتل في المرة الرابعة ونقل الترمذي الإجماع على ترك القتل وهو محمول على من بعد من نقل غيره عنه القول به كعبد الله بن عمرو وبعض الظاهرية قال النووي: وهو قول باطل مخالف لإجماع الصحابة فمن بعدهم والحديث الوارد فيه منسوخ إما بحديث لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث وإما بأن الإجماع دل على نسخه قال الحافظ: قلت بل دليل النسخ منصوص وهو ما خرجه أبو داود والشافعي من طريق الزهري عن قبيصة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه إلى أن قال فإذا شرب في الرابعة فاقتلوه قال: فأتي برجل قد شرب فجلد ثم أتي به في الرابعة قد شرب فجلده ثم أتي به فجلد ثم أتي به فجلده فرفع القتل عن الناس فكان رخصة اه ثم قال الحافظ: وقد استقر الإجماع على أن لا قتل فيه قال: وحديث قبيصة على شرط الصحيح لأن إيهام الصحابي لا يضر وله شواهد منها عند النسائي وغيره عن جابر فإن عاد الرابعة فاضربوا عنقه فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب أربع مرات فلم يقتله فرأى المسلمون أن الحد قد رفع ثم قال النسائي: هذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم. وقال: أحاديث القتل منسوخة وقال الترمذي: لا نعلم بين أهل العلم في القديم والحديث اختلافا في هذا قال: وسمعت محمدا يعني البخاري يقول: إنما كان هذا يعني القتل في أول الأمر ثم نسخ بعد وقال ابن المنذر: فإن الأصل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكل به ثم نسخ بجلده فإن تكرر أربعا قتل ثم نسخ ذلك بالأخبار الثابتة بالإجماع إلا ممن شذ ممن لا يعد خلافه خلافا قال الحافظ: وأشار به إلى بعض أهل الظاهر وهو ابن حزم
(طب عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: فيه حميد بن كريب ولم أعرفه اه. -[159]- ورواه أيضا عنه أبو يعلى باللفظ المزبور قال ابن حجر: وسنده واه

الصفحة 158