كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

-[16]- 8255 - (من شكر النعمة إفشاؤها) أي تشهيرها والتنويه بها والاعتراف بمكانها لقوله تعالى {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} فتوعدهم على كفران النعمة بالعذاب الشديد قال الحرالي: شكر كل نعمة إظهارها على حدها من جاه أو مال أو علم أو طعام أو شراب أو غيره وإنفاق فضلها والقناعة منها بالأدنى وقد خرج الطبراني وأبو نعيم أن عمر رضي الله عنه صعد المنبر يوما فقال: الحمد لله الذي صيرني ليس فوقي أحد ثم نزل فقيل له في ذلك فقال: إنما فعلته إظهارا للشكر وقال الجيلاني: قدمي هذه على رقبة كل ولي أي من أهل زمنه وقال القرشي: صحبت ست مئة شيخ ثم وزنت بهم فرجحتهم وقال الشاذلي: لا يكمل شكر العبد حتى يرى نعمة ملوك الدنيا دون نعمته من حيث أنهم مسخرون له وقال المرسي: ما سارت الأبدال من قاف إلى قاف إلا ليلقوا مثلي وقال: لو علم أهل المشرق والمغرب ما تحت هذه الشعرات ويشير للحيته من العلوم لأتوها ولو سعيا على الوجوه وقال الشاذلي: ما بقي عند غيرنا من أهل عصرنا علم نستفيده وإنما ننظر في كلامهم لنعرف ما من الله به علينا دونهم فنشكره عليه
(عب عن قتادة مرسلا)
8256 - (من فقه الرجل رفقه في معيشته) أي إن ذلك من فهمه في الدين واتباعه طريق المرسلين
(حم طب عن أبي الدرداء) وسنده لا بأس به
8257 - (من فقه الرجل) أي جودة فهمه وحسن تصرفه (أن يصلح معيشته) أي ما يتعيش به بأن يسعى في اكتسابها من الحلال من غير كد ولا تهافت ويستعمل القصد في الإنفاق من غير إسراف ولا تقتير (وليس من حب الدنيا طلب ما يصلحك) أي ما يقوم بأودك وحاجة عيالك وخدمك ونحوهم فإنه من الضروريات التي لا بد منها فليس طلبه من محبة الدنيا المنهي عنها
(عد هب عن أبي الدرداء) ثم قال البيهقي: تفرد به سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية اه. قال الذهبي في الضعفاء: وسعيد بن سنان عن أبي الزاهرية متهم أي بالوضع
8258 - (من كرامة المؤمن على الله تعالى نقاء ثوبه) أي نظافته ونزاهته عن الأدناس (ورضاه باليسير) من الملبس أو من المأكل والمشرب أو من الدنيا فالمحمود من اللباس نقاوة الثوب والتوسط في حسنه وكون لبس مثله غير خارم لمروءة جنسه وأما المباهاة في اللباس والتزين به فليس من خصال الشرف بل من سمات النساء ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس ما وجد فلبس الشملة والكساء الخشن والرداء والإزار الغليظ ويقسم من حضره أقبية الديباج المخصوصة بالذهب
(تتمة) دخل إلى الفقيه أبي الحسن العوضي زائر فوجده عريان فقال: نحن إذا غسلنا ثيابنا نكون كما قال القاضي أبو الطيب:
قوم إذا غسلوا ثياب جمالهم. . . لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل
(طب) وكذا أبو نعيم (عن ابن عمر) بن الخطاب. قال الهيثمي: فيه عباد بن كثير وثقه ابن معين وضعفه غيره وجرول بن جعيل ثقة وقال ابن المديني: له مناكير وبقية رجاله ثقات
8259 - (من كرامتي على ربي أني ولدت) بمكة المعظمة حين طلع فجر الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول في إحدى الروايتين عن الحبر وجزم به جمع منهم الخوارزمي (مختونا) أي علي صورة المختون إذ الختان قطع القلفة ولا قطع هنا (ولم ير أحد سوأتي) كناية عن العورة. قال في المستدرك: تواترت الأخبار بولادته مختونا ومراده بالتواتر الاشتهار لا المصطلح عليه عند أهل الأثر كيف وقد قال الذهبي: لا أعلم صحة ذلك فضلا عن تواتره وقال الزين العراقي: عن -[17]- ابن العديم: أخبار ولادته مختونا ضعيفة بل لم يثبت فيه شيء وسبقه لنحوه ابن القيم. وبفرضه ليس ذا من خصائصه فقد عد في الوشاح اثني عشر نبيا ولدوا مختونين والختان من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم فأتمهن وأشد الناس بلاء الأنبياء والإبتلاء به مع الصبر عليه مما يضاعف به الثواب والأليق بحال النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسلب هذه الفضيلة وأن يكرمه الله بها كما أكرم خليله وما أعطي نبي خصوصية إلا وأعطى نبينا صلى الله عليه وسلم مثلها وأعلى
(طس عن أنس) بن مالك وصححه الضياء في المختارة وقال مغلطاي: خبر الطبراني هذا رواه ابن عساكر في تاريخه من غير طريقه قال: ورواه أبو نعيم بسند جيد وابن عدي في الكامل عن ابن عباس اه. وقال ابن الجوزي: لا شك أنه ولد مختونا غير أن هذا الحديث لا يصح قال: فإن قيل لم لم يولد مطهر القلب من حظ الشيطان حتى شق صدره وأخرج قلبه؟ قلنا لأن الله أخفى أدون التطهرين الذي جرت العادة أن تفعله القابلة والطبيب وأظهر أشرفهما وهو القلب فأظهر أثر التجمل والعناية بالعصمة في طرقات الوحي اه

الصفحة 16