كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

8843 - (من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة) بضم الخاء وفتحها وسكون الراء ما يخترف أي يجتنى من الثمر أي لم يزل في بستان يجتني منه الثمر شبه ما يحوزه العابد من الثواب بما يحوزه المحترف من الثمر (حتى يرجع) ويخرج من ذلك التشبيه التلويح بقرب المتناول وقيل المراد بالخرفة هنا الطريق قال ابن جرير: وهو صحيح أيضا إذ معناه عليه أن عائده لم يزل سالكا طريق الجنة لأنه من الأمور التي يتوصل بها إليها
(م عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم وتمامه عند مسلم قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة قال جناها
8844 - (من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ) أي لجأ إلى ملجأ وأي ملجأ قال ابن العربي: دليل على أن كل من صرح بالاستعاذة بالله لأحد في شيء فليجب إليه وليقبل منه وقد ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم دخل على امرأة قد نكحها فقالت له: أعوذ بالله منك فقال: لقد عذت بمعاذ الحقي بأهلك
(حم) من حديث عبد الملك بن أبي جميلة عن عبد الله بن موهب (عن عثمان) بن عفان (وابن عمر) بن الخطاب وقال ابن موهب: إن عثمان قال لابن عمر: اذهب فافض قال: أو تعفيني قال: عزمت عليك قال: لا تعجل أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال: نعم قال: فإني أعوذ بالله أن أكون قاضيا قال الهيثمي: رجال ثقات رمز المصنف لحسنه
8845 - (من عال جاريتين) أي من ربى بنتين صغيرتين وقام بمصالحهما من نحو نفقة وكسوة (حتى يدركا) رواية البخاري حتى يبلغا (دخلت أنا وهو الجنة كهاتين) وضم أصبعيه مشيرا إلى قرب فاعل ذلك منه أي دخل مصاحبا لي قريبا مني يعني أن ذلك الفعل مما يقرب فاعله إلى درجة من درجات المصطفى صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس: هذا من كرائم الحديث وغرره
(م ت عن أنس) بن مالك واستدركه الحاكم فوهم ورواه البخاري بلفظ من عال جاريتين حتى يبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين قال الأكمل: في الكلام تقديم وتأخير فأما في جاء ضمير يعود إلى من وقوله هو تأكيد له وقوله أنا معطوف عليه وتقديره هو وأنا ثم قدم أنا لكون المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصلا في تلك الخصلة أو قدم في الذكر لشرفه اه. واعترض بأن تقديم المعطوف على المعطوف عليه لا يجوز فالأولى جعل أنا مبتدأ وهو معطوف عليه وكهاتين الخبر والجملة حالية بدون الواو نحو {اهبطوا بعضكم لبعض عدو}
8846 - (من عال أهل بيت من المسلمين) أي قام بما يحتاجونه من نحو قوت وكسوة يومهم وليلتهم (غفر الله له ذنوبه) أي الصغائر فقط
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين
8847 - (من عال ثلاث بنات) أي قام بما يحتجنه من نحو نفقة وكسوة وغيرهما (فأدبهن) بآداب الشريعة الإسلامية وعلمهن أمور دينهن (وزوجهن) من كفء عند احتياجهن للزواج (وأحسن إليهن) بعد الزواج بنحو صلة وزيارة (فله الجنة) أي مع السابقين الأولين قال ابن عباس: هذا من كرائم الحديث وغرره قال الزين العراقي: في هذا الحديث تأكيد حق البناء على حق البنين لضعفهن عن القيام بمصالحهن من الاكتساب وحسن التصرف وجزالة الرأي
(د عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: رجاله موثقون
8848 - (من عد) بالتشديد بلفظ المصنف (غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت) فإن الموت مصاحب له إن لم يفجأه اليوم وافاه في غد والقصد بهذا الحث على قصر الأمل وأنه ينبغي للإنسان أن لا يطول أمله فيثقل عليه عمله ويقدر قرب الموت ويتفكر في قصر العمل ويقول في نفسه إني أحتمل مشقة العمل الصالح اليوم فلعلي أموت الليلة وأصبر الليلة فلعلي أموت غدا فإن الموت لا يهجم في وقت مخصوص فالاستعداد له أولى من الاستعداد للدنيا وأنت تعلم أنك لا تبقى فيها إلا أمدا قليلا ولعله لم يبق من أجلك إلا يوم أو نفس فقرر هذا على ما قلبك كل يوم وكلف نفسك على الطاعة يوما فيوما فإنك لو قدرت البقاء خمسين سنة وألزمتها الصبر على الطاعة نفرت واستعصت فإن فعلت ذلك فرحت عند الموت فرحا لا آخر له وإن سوفت وتساهلت جاء الموت في وقت لا تحتسبه وتحسرت تحسرا لا آخر له وعند الصباح يحمد القوم السرى {ولتعلمن نبأه بعد حين} وأنشد ابن أبي الدنيا:
أيا فرقة الأحباب لا بد لي منك. . . ويا دار دنيا إنني راحل عنك
ويا قصر الأيام ما لي وللمنى. . . ويا سكرات الموت ما لي وللضحك
وما لي لا أبكي لنفسي بعبرة. . . إذا كنت لا أبكي لنفسي فمن يبكي
ألا أي حي ليس بالموت موقنا. . . وأي يقين منه أشبه بالشك
(هب) وكذا الخطيب (عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه وليس كذلك بل إنما ذكره مقرونا ببيان حاله فقال عقبه: هذا إسناد مجهول وروي من وجه آخر ضعيف اه بنصه
8849 - (من عرض عليه) طيب وفي رواية (ريحان) أي نبت طيب الريح من أنواع المشموم وليس المراد قصره على ما هو المتعارف عند الفقهاء من اختصاصه بما لا ساق له منها (فلا يرده) برفع الدال على الفصيح المشهور (فإنه خفيف المحمل) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية مصدر ميمي أي قليل المنة (طيب الريح) تعليل ببعض العلة لا بتمامها والمراد لا يرده لأنه هدية قليلة نافعة ولا مؤونة فيها ولا منة ولا يتأذى المهدي بها فردها لا وجه له قال ابن القيم: هذا لفظ الحديث وبعضهم يرويه من عرض عليه طيب فلا يرده وليس بمعناه فإن الريحان تخف مؤونته ويتسامح به بخلاف نحو مسك وعنبر وظاهره أن رواية الطيب منكرة أو نادرة والأشهر أكثر ريحان وليس كذلك فقد قال ابن حجر: رواه أحمد وسبعة أنفس معه بلفظ الطيب ورواه مسلم بلفظ الريحان قال: والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد وفيه الترغيب في استعمال الطيب وعرضه من يستعمله
(م) في الطب (د) في الترجل وكذا النسائي في الزينة وابن حبان في صحيحه كلهم (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري
8850 - (من عزى ثكلى) بفتح المثلثة مقصورة من فقدت ولدها (كسي بردا في الجنة) مكافأة له على تعزيتها وذلك بأن يذكر لها الصبر وفضله والابتلاء وأجره والمصيبة وثوابها وما في ذلك من الآيات والأخبار والآثار لكن لا يعزي المرأة -[179]- الشابة إلا محارمها أو زوجها (تتمة) كتب ذو القرنين لأمه حين حضرته الوفاة مرشدا أن اصنعي طعاما للنساء ولا يأكل منه من أثكلت ولدا ففعلت ودعتهن فلم تأكل منهن واحدة وقلن ما منا امرأة إلا وقد أثكلت ما هي له والدة فقالت: {إنا لله وإنا إليه راجعون} هلك ولدي وما كتب بهذا إلا تعزية لي
(ت عن أبي برزة) ثم قال أعني الترمذي: وليس إسناده بالقوي وقال البغوي: وهو غريب

الصفحة 177