كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

-[242]- 9102 - (من يرائي) أي يظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم وليس هو كذلك (يرائي الله به) أي يظهر سريرته على رؤوس الخلائق ليفتضح أو ليكون ذلك حظه فقط (ومن يسمع) الناس عمله ويظهره لهم ليعتقدوه ويبروه (يسمع الله به) يوم القيامة أي يظهر للخلق سريرته ويملأ أسماعهم مما انطوى عليه جزاءا وفاقا
(حم ت هـ عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه
9103 - (من يرد) بضم المثناة تحت من الإرادة وهي عند الجمهور صفة مخصصة بالوقوع في المقدور وقيل اعتقاد النفع والضر وقيل ميل يتبعه الاعتقاد وهذا لا يصح في الإرادة القديمة (الله به خيرا) أي جميع الخيرات لأن النكرة تفيد العموم أو خيرا كبيرا عظيما كثيرا فالتنوين للتعظيم (يفقهه في الدين) أي يفهمه أسرار أمر الشارع ونهيه بالنور الرباني الذي أناخه في قلبه كما يرشد إليه قول الحسن إنما الفقيه من فقه عن الله أمره ونهيه ولا يكون ذلك إلا لعامل بعلمه ومر عن حجة الإسلام أن حقيقة الفقه في الدين ما وقع في القلب ثم ظهر على اللسان فأفاد العمل فأورث الخشية فالتقوى وأما الذين يتدارسون أبوابا منه ليعزز به الواحد منهم فأجنبي من هذه الرتبة العظمى وقال في موضع آخر: أراد الفقه المذكور العلم بمعرفة الله وصفاته قال: وأما الفقه الذي هو معرفة الأحكام الشرعية فقد استحوذ على أهله الشيطان واستغراهم الطغيان وأصبح كل منهم بعاجل حظه مشغوفا فصار يرى المعروف منكرا والمنكر معروفا حتى ظل علم الدين مندرسا ومنار الهدى في الأقطار منطمسا فتعين أن المراد هو علم الآخرة الذي هو فرض عين فنظر الفقيه بالإضافة إلى صلاح الدنيا ونظر هذا بالإضافة إلى صلاح الآخرة ولو سئل فقيه عن نحو الإخلاص والتوكل أو وجه التحرز عن الرياء لما عرفه مع كونه فرض عينه الذي في إهماله هلاكه ولو سئل عن اللعان والظهار يسرد من التفريعات الدقيقة التي تنقضي الدهور ولا يحتاج لشيء منها وقد سمى الله في كتابه علم طريق الآخرة فقها وحكمة وضياء ونورا ورشدا
(حم ق عن معاوية) بن أبي سفيان (حم ت عن ابن عباس هـ عن أبي هريرة) وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله بل بقيته عند الشيخين والله المعطي وأنا القاسم خرجه البخاري في العلم والخمس ومسلم في الزكاة ووجه ارتباط هاتين الجملتين بما قبلهما أن إثبات الخير للمتفقه لا يكون بالاكتساب فقط بل لمن يفتح الله عليه به على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم ورثته
9104 - (من يرد الله به خيرا) بالتنكير في سياق الشرط فيعم أي من يرد الله به جميع الخيرات (يفقهه) بسكون الهاء لأنها جواب الشرط (في الدين) أي يفهمه علم الشريعة بالفقه لأنه علم مستنبط بالقوانين والأدلة والأقيسة والنظر الدقيق بخلاف علم اللغة والنحو والصرف. روى أن سلمان نزل على نبطية بالعراق فقال: هنا مكان نظيف نصلي فيه قالت: طهر قلبك وصل حيث شئت فقال: فقهت أي فهمت فمفهوم الحديث أنه من لم يتفقه في الدين أي يتعلم قواعد الإسلام لم يرد الله به خيرا (ويلهمه برشده) بباء موحدة أوله بخط المصنف وفيه كالذي قبله شرف العلم وفضل العلماء وأن التفقه في الدين علامة على حسن الخاتمة وروى البخاري في الصحيح معلقا من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما العلم بالتعلم هكذا ذكره معلقا بهاتين الجملتين ووصله ابن أبي عاصم من حديث معاوية
(حل عن ابن مسعود) رمز لحسنه وهو فيه تابع لابن حجر حيث قال في المختصر: إسناده حسن لكن قال الذهبي: هو حديث منكر ورواه عنه الطبراني أيضا

الصفحة 242