كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

8292 - (من أتاه أخوه) في الدين وإن لم يكن أخوه من النسب (متنصلا) أي منتفيا من ذنبه معتذرا إليه (فليقبل ذلك منه) ندبا مؤكدا سواء كان (محقا) في اعتذاره (أو مبطلا) فيه (فإن لم يفعل) أي لم يقبل معذرته (لم يرد علي الحوض) يوم القيامة حين يرده المؤمنون فيسقيهم منه لأن تنصله خروج من الذنب واستسلام له والله سبحانه يقبل التوبة ممن أقبل عليه وأسلم وجهه إليه معاملة له برجائه وهو يحب صفاته ويحب من تخلق بشيء منها كما سبق فمن عرض عليه التحلي بهذا الخلق العظيم فأبى واستكبر عن قبوله ورد المتنصل إليه خائبا ولم يبرد قلبه بقبول معذرته جوزي على ذلك فإطالة عطشه في الموقف حين تدنو الشمس من الرؤوس فيعاقب بتقديم غيره في الورود في ذلك اليوم المشهود حتى يكون من آخر الواردين
<تنبيه> حكي أن أبا سهل الصعلوكي بحث في مسألة في محفل مع عبد الله الختن فأغلظ عليه أبو سهل في الرد ثم جاء يعتذر إليه في السر فأنشد الختن
جفاء جرى لدى الناس فانبسط. . . وعذر إلى سر فأكد ما فرط
ومن رام أن يمحو جلى اعتدائه. . . خفي اعتذار فهو في أعظم الغلط
فبين الختن أن الاعتذار لا يمحو الذنب إلا إن جرى على نحو الذي جرى عليه التقصير وهذا قد ينافيه ظاهر قوله في الحديث محقا أو مبطلا إلا أن يراد أن هذا هو مقام الكمال والحاصل أن الكلام في مقامين مقام يتعلق بالعافي وهذا الأكمل فيه قبول العذر وإن علم كذبه سواء أنكر وقوع الذنب أو أقر فطلب العفو ومقام يتعلق بما يلحقه من المعتذر إليه وصمة ألحقها به في الملأ فهذا لا يرفع الاعتذار منه الذنب إلا إن كان بحضرة أولئك الذين أوهمهم إلحاق النقص به وهذا بالنسبة إلى الآحاد أما بالنسبة لكمل الرجال فالعفو مطلوب على كل حال
(ك عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن السني والديلمي
8293 - (من اتبع الجنازة فليحمل بجوانب السرير كلها) النعش الذي فوقه الميت وفي الحديث إيماء إلى تفضيل التربيع في حمل الجنازة وهو أن يتقدم رجلان ويتأخر رجلان وهو مذهب الحنفية وفضل الشافعية الحمل بين العمودين وهو أن يضع واحد العمودين على عاتقيه ويحمل المؤخر رجلان لأدلة أخرى
(هـ عن ابن مسعود)
8294 - (من اتبع كتاب الله) القرآن أي أحكامه (هداه من الضلالة ووقاه سوء الحساب يوم القيامة) تمامه عند الطبراني وذلك أن الله عز وجل قال: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} انتهى
(طس عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه أبو شيبة وعمران بن أبي عمران وكلاهما ضعيف جدا
8295 - (من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر) أي بسط عذره على مواضع التملق له وطلب العذر إليه كما يقال لمن فعل ما نهى عنه ما حملك على هذا؟ فيقول خدعني فلان وغرني كذا ورجوت كذا وخفت كذا -[26]- فيقال له قد عذرناك وتجاوزنا عنك فإذا لم يرجع العبد ويعتذر مع تلاهي العمر وحلول الشيب الذي هو نذير الموت بساحته فقد خلع عذاره ورفض إنذاره وعدم الحجة في ترك الحجة ولا قوة إلا بالله قال ابن بطال: إنما كانت الستون حدا لذلك لأنها قريبة من المعترك وهو سن الإنابة وترقب المنية فهذا إعذار بعد إعذار لطفا منه تعالى بعباده حتى ينقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجة الواضحة
(حم) من رواية يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سعيد المقبري (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وخرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور ثم قال: استشهد به البخاري وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور من الوجه الذي خرجه منه أحمد

الصفحة 25