كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

9155 - (المؤمن أكرم على الله من بعض ملائكته) لأن الملائكة ليست لهم شهوة تدعو إلى قبيح ولا أنفس خبيثة والمؤمن قد سلطت عليه الشهوة المهلكة والشيطان والنفس الأمارة بالسوء التي هي أعظم أعدائه فهو أبدا في مقاساة وشدائد والأجر والكرامة على قدر المشقة والمراد بالمؤمن الكامل وبعض الملائكة عوامهم فخواص المؤمنين أفضل من عوام الملائكة قال الحسن: المؤمن لو لم يذنب لكان يطير في الملكوت لكن الله قمعه بالذنوب وقال الإمام الرازي: سمى الله المؤمن ثالث نفسه في عشرة مواضع في المراقبة والولاية والموالاة والصلاة والعزة والطاعة والمشاقة والأذى والالتجاء والشهادة وقال ابن العربي: قد انحصر في الإنسان حقائق العالم بما هو إنسان لم يتميز عن العالم إلا بصغر الحجم فقط وهو قسمان قسم لم يقبل الكمال فهو من جملة العالم غير أنه مجموع العالم المختصر الوجيز من الطول البسيط وقسم قبل الكمال فظهرت فيه صفات الجلال والجمال فصار الأفضل الأكرم على الله بكل حال
(هـ) من رواية أبي المهزم يزيد بن سفيان (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي: وأبو المهزم تركه شعبة وضعفه ابن معين
9156 - (المؤمن أخو المؤمن) أي في الدنيا {إنما المؤمنون إخوة} وإذا كان أخوه فينبغي أن يعاشره معاشرة الأخوة في التحابب والتصافي وتجنب التجافي قال الزين العراقي: وهذه الأخوة دون الأخوة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حين قدم المدينة ولهذه الأخوة مزية على أخوة الإسلام قال العامري: قد يطلق المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمن ويريد جملة من يسم مؤمنا وقد يريد الخواص وقد يريد خواص الخواص ويعرف بقرائن الحديث وقوله هنا أخو المؤمن أراد أخوه الاشتباه في صفة الإيمان كقوله تعالى {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} ولم يرد هنا أخوة النسب فجعل علامة الإيمان معاضدته له في الخير والنفع ودفع المضار وجلب المسار وقيل الأخوة مشتقة من الأخية للفرس تضرب في الأرض فيشد بها فتمنعه من الضياع (لا يدع نصيحته على كل حال) أي لا ينبغي له أن يترك نصحه في حال من الأحوال على الوجه اللائق بحسب ما يقتضيه المقام فإن اقتضى الإعلان فعل وإن اقتضى الإسرار لا يعلن فالنصيحة في الملأ بالحق حق وهي فضيحة لا يفعلها إلا الجهلاء إذ فائدة النصيحة المشروعة حصول النفع وثبوت الود وهي في الملأ لا تقبل بل تثمر عداوة فهي مذمومة لذلك ولكونها تخجل وتلجئ المخاطب بالنصح إلى الكذب في اعتذاره أو خذله فيكون سببا لفساد كثير فطريقه أن ينصحه في خلوة بطريق حسن فما كل مأمور به يجري على ظاهره
(ابن النجار) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله
9157 - (المؤمن لا يثرب عليه شيء أصابه في الدنيا إنما يثرب على الكافر) والتثريب والتقريع والتوبيخ قاله في قصة أبي الهيثم بن التيهان حين أكل عنده لحما وبسرا ورطبا وماءا عذبا فقيل يا رسول الله هذا من النعيم الذي يسأل عنه يوم القيامة فقال ذلك كذا في الفردوس
(طب عن ابن مسعود) وفيه عمرو بن مرزوق أورده الذهبي في الضعفاء قال: وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه ووثقه غيره والكلبي تركه القطان وابن مهدي
9158 - (المؤمن كيس) أي عاقل والكيس العقل (فطن) حاذق والفطنة حدة البصيرة في بذل الأمور يفطن بزيادة نور عقله إلى ما غاب عن غيره فيهدم دنياه ليبني بها أخراه ولا يهدم أخراه ليبني بها دنياه (حذر) أي مستعد متأهب لما بين يديه متيقظ لما يهجم عليه قالوا والمراد بالمؤمن هنا الكامل الذي وقفته معرفته على غوامض -[257]- الأمور حتى صار حازما يحذر ما سيقع فلا يؤتى من جهة الغفلة سئل ابن عباس عن عمر فقال: كان كالطير الحذر يرى أن له في كل موضع شركا وهذا أدب شريعة نبه النبي صلى الله عليه وسلم أمته كيف يحذرون مما يخافون سوء عاقبته وتمام الحديث كما في الأمثال وغيرها وقاف متثبت عالم ورع إذا ذكر تذكر وإذا علم تعلم والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا يرعوي عن محرم كحاطب ليل لا يبالي من أين كسب وفيما أنفق
(القضاعي) في مسند الشهاب وكذا العسكري في الأمثال (عن أنس) بن مالك قال العامري: حسن غريب وليس فيما زعمه بمصيب بل فيه أبو داود النخعي كذاب قال في الميزان: عن يحيى كان أكذب الناس ثم سرد له عدة أخبار هذا منها قال ابن عدي: أجمعوا على أنه كان وضاعا ورواه الديلمي في مسند الفردوس أيضا وزاد وقاف متثبت لا يعجل عالم ورع والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا عند محرم كحاطب ليل لا يبالي من أي كسب ولا فيما أنفق

الصفحة 256