كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

-[27]- 8298 - (من اتقى الله) أي أطاعه في أمره ونهبه ولم يعصه بقدر الاستطاعة (عاش قويا) في دينه وبدنه حسا ومعنى وأي قوة أعظم من التأييد والنصر {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} (وسار في بلاده) كذا فيما وقفت عليه من النسخ لكن لفظ رواية العسكري وسار في بلاد عدوه (آمنا) مما يخاف {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} قال الغزالي: التقوى كنز عزيز فإن ظفرت به فكم نجد فيه من جوهر شريف وعلق نفيس وخير كثير ورزق كريم وفوز كبير وملك عظيم فخيرات الدنيا جمعت تحت هذه الخصلة الواحدة التي هي التقوى وكل خير وسعادة في الدارين تحت هذه اللفظة فلا تنس نصيبك منها وقال بعض العارفين لشيخه: أوصني قال: أوصيك بوصية رب العالمين للأولين والآخرين من قوله {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}
(حل عن علي) أمير المؤمنين ورواه بهذا اللفظ العسكري عن سمرة مرفوعا
8299 - (من اتقى الله أهاب الله منه كل شيء ومن لم يتق الله أهابه الله من كل شيء) لأن من كان ذا حظ من التقوى امتلأ قلبه بنور اليقين فانفتح عليه من الجلال والهيبة ما يهابه به كل من يراه وبقلة التقوى يقل اليقين وتستولي الظلمة على القلب ومن هذا حاله فهو كالكلب فأنى يهاب؟ فعلى قدر خوف العبد من ربه يكون خوف الخلق منه فكلما اشتد خوف العبد من الرب اشتد خوف الخلق منه قال بعضهم: الخائف الذي يخافه المخلوقات وهو الذي غلب عليه خوف الله وصار كله خوفا وقد كان سعيد بن المسيب مع شدة زهده وتقشفه يستأذنون عليه هيبة له كما يستأذنون على الأمراء بل أشد وكان يقول: ما استغنى أحد بالله إلا وافتقر الناس إليه
(الحكيم) الترمذي (عن واثلة) بن الأسقع
8300 - (من اتقى الله كل) بفتح الكاف وشد اللام (لسانه ولم يشف غيظه) ممن فعل به مكروها لأن التقوى عبارة عن امتثال أوامر الله وتجنب نواهيه ولن يصل العبد إلى القيام بأوامره إلا بمراقبة قلبه وجوارحه في لحظاته وأنفاسه بحيث يعلم أنه مطلع عليه وعلى ضميره ومشرف على ظاهره وباطنه محيط بجميع لحظاته وخطراته وخطواته وسائر حركاته وسكناته وذلك مانع له مما ذكر فمن زعم أنه من المتقين وهو ذرب اللسان منتصر لنفسه مشف لغيظه فهو من الكاذبين لا بل من الهالكين
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (التقوى عن سهل بن سعد) ورواه عنه أيضا الديلمي في مسند الفردوس قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف قال: ورأيناه في الأربعين البلدانية للسلفي
8301 - (من اتقى الله وقاه كل شيء) يخافه {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} فأعظم بخصلة تضمنت موالاة الله وانتفاء الخوف والحزن وحصول البشرى في الدنيا والعقبى {إن الله يحب المتقين} {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة}
(ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الخطيب في تاريخه باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير غير جيد
8302 - (من أثكل) أي فقد (ثلاثة من صلبه) بضم أوله المهملة (في سبيل الله فاحتسبهم على الله وجبت له الجنة) -[28]- تفضلا منه بإنجاز وعده ولا يجب على الله شيء قال في الفردوس: أي يحتسب الأجر على غصة حرقة المصيبة
(طب عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: رجال الطبراني ثقات اه. وقال المنذري بعد ما عزاه لأحمد والطبراني باللفظ المذكور من الوجه المزبور: رواته ثقات فكان ينبغي للمؤلف عزوه لأحمد إذ هو أولى بالعزو من الطبراني ثم إنه أيضا قد رمز لحسنه فكان حقه أن يرمز لصحته

الصفحة 27