كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

9209 - (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فإيذاء المسلم من نقصان الإسلام والإيذاء ضربان ضرب ظاهر بالجوارح كأخذ المال بنحو سرقة أو نهب وضرب باطن كالحسد والغل والبغض والحقد والكبر وسوء الظن والقسوة ونحو ذلك فكله مضر بالمسلم مؤذ له وقد أمر الشرع بكف النوعين من الإيذاء وهلك بذلك خلق كثير (والمهاجر) أي هجرة تامة فاضلة (من هجر) أي ترك (ما نهى الله عنه) أي ليس المهاجر حقيقة من هاجر من بلاد الكفر بل من هجر نفسه وأكرهها على الطاعة وحملها تجنب المنهي لأن النفس أشد عداوة من الكافر لقربها وملازمتها وحرصها على منع الخير فالمجاهد الحقيقي من جاهد نفسه واتبع سنة نبيه واقتفى طريقه في أقواله وأفعاله على اختلاف أحواله بحيث لا يكون له حركة ولا سكون إلا على السنة وهذه الهجرة العليا لثبوت فضلها على الدوام قال الخطابي: أراد به أن أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حق المسلمين وإثبات اسم الشيء على معنى إثبات الكمال له مستفيض في كلامهم وقيل: أراد بيان علامة المسلم التي يستدل بها على إسلامه وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده كما ذكر مثله في علامة المنافق أو أراد الإشارة إلى حسن معاملة العبد مع ربه لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يحسن معاملة ربه فهو تنبيه بالأولى على الأولى فكأنه يقول للمهاجرين لا تتكلموا على مجرد التحول من داركم فإن الشأن إنما هو في امتثال أوامر الشرع ونواهيه فاشتملت هاتان الجملتان على جوامع من معاني الحكم والأحكام
(خ) في الإيمان واللفظ له (د) في الجهاد (ن) في الإيمان لكنه قال من هجر ما حرم الله عليه (عن ابن عمرو) ابن العاص ولم يخرجه مسلم
9210 - (المسلم مرآة المسلم فإذا رأى به شيئا فليأخذه) أي إذا أبصر ببدنه أو ثوبه نحو قذر أو قذاه لم يشعر به فلينحه عنه ثم ليره إياه كما جاء في خبر آخر
(ابن منيع عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن عبيد الله قال الذهبي: قال أحمد: غير ثقة
9211 - (المسلمون إخوة) أي جمعتهم الأخوة الإسلامية بالحضرة المحمدية لاتحاد المرافقة في ورود المشرب الإيماني والمدد الإحساني وكل اتفاق بين شيئين أو أشياء يطلق عليه اسم الأخوة ويشترك في ذلك الحر والبالغ وضدهما فأخوك من وافقك في الذوق ومدد الأفهام لا من شاركك في معنى صورة النطف في الأرحام (لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى) والتقوى غيب عنا إذ محلها القلب فلا يجوز للمتقي أن يحقر مسلما وكيف يحتقره وهو لا يعلم الخاتمة لنفسه ولا له؟ ونبه بالأخوة على المساواة وأن لا يرى أحد لنفسه على أحد من المسلمين فضلا إذ يلزم منه قطع وصلة الأخوة المأمور بها
(طب عن حبيب بن خراش) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة وهو متروك
9212 - (المسلمون شركاء في ثلاث) من الخصال قال البيضاوي: لما كان الأسماء الثلاثة في معنى الجمع انتهى بهذا الاعتبار فقال في ثلاث (في الكلأ) الذي ينبت في الموات فلا يختص به أحد (والماء) أي ماء السماء والعيون والأنهار التي لا مالك لها (والنار) يعني الحطب الذي يحتطبه الناس من الشجر المباح فيوقدونه أو الحجارة التي توري النار ويقدح بها إذا كانت في موات أو هو على ظاهره قال البيضاوي: المراد من الاشتراك في النار أنه لا يمنع من الإستصباح منها -[272]- والإستضاءة بضوئها لكن للموقد أن يمنع أخذ جذوة منها لأنه ينتقصها ويؤدي إلى إطفائها
(حم د) في البيع من حديث أبي خراش (عن رجل) من المهاجرين قال: غزوت مع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاثا أسمعه يقول بلفظه فذكره رمز لحسنه ولم يسم الرجل ولا يضر فإنه صحابي وهم عدول ذكره المناوي لكن قال ابن حجر: قد سماه أبو داود حبان بن زيد وهو تابعي معروف أي فالحديث مرسل

الصفحة 271